تأثير الكتب!
أعتقد بأن أهم تأثيره يحدثه الكتاب هو تغييره الناعم لمعتقداتك، وطباعك، وعاداتك، فلولا هذا التأثير لما أحب أحد القراءة واستمر عليها سنين طويلة لتكون عادة متأصلة في يومه، التأثير السحري في إضافة معلومة ما لعقلك، والتي بدورها تصيبك بالدهشة هي ما يقودك لنهم القارئ الذي يود أن يتلقف كل ما حوله ليقرأه، وربما بأن أفضل تشبيه لأثر القراءة هي التمرة، فلو أنك أكلت تمرة واحدة وتوقفت، فلن تكون تلك الحبة فقط والتي أمدتك بالفيتامينات والعناصر الغذائية والتي بدورها ستحسن من مظهرك الخارجي والداخلي في نفس الوقت ستكفي لوحدها فقط، بينما لو أنك استمريت على عادة أكل التمر لأسابيع وأشهر ممتدة، لظهر الأثر حتما سواء كان داخليا أو خارجيا أيضا.
***
معاناتي الخاصة!
خلال الثلاث سنوات المنصرمة كنت أعاني من تدهور واضح في النوم ويمكنني القول بأني لا أمد جسمي بالنوم سوى ٦ ساعات على أقصى تقدير والتي قد تكون منفصلة أو متواصلة المدة، ويكون تعويضي الدائم هو في نهايات الأسبوع والتي أخلد فيها للنوم بعد بزوغ الفجر حتى الظهيرة وقد تمتد لبعد ذلك الوقت، ولن أنسى موقفين كنت قد تعرضت لهما بعد عودتي من العمل مباشرة، الأولى كانت قيادتي للسيارة متوجها للبيت في الطريق السريع، ولأن عقلي الباطن قد اعتاد على الطريق فلا يكون لي خيار سوى تسليمه دفة القيادة وصولا للمنزل، خلال ذلك اليوم كنت قد نمت في الطريق السريع لبضع ثواني أو هكذا كنت أظن، ما هي إلا لحظات فقط حتى رأيت السيارة التي تسبقني والتي كنت على وشك الاصطدام بها لولا أنني صحيت من تلك الغفوة البسيطة، واضعا كل قوتي في مكابح السيارة متجنبا بذلك الاصطدام بمؤخرة السيارة التي تسبقني!
الموقف الآخر هو في أحد الرمضانات وبعد رجوعي من العمل أيضا، وتوقفي في الإشارة، وأنا الذي لم يرمش لي عين قط حتى مع أساتذة ودكاترة المواد الذين يجلبون لي نوم سكان الأرض كلهم إن تحدثوا، كنت قد غفوت غفوة مطولة، لم أصحو منها إلا بتنبيهات من خلفي للسير بعد أن فتحت الإشارة ألوانها الخضراء!
ولن أسهب في الحديث عن تقلبات المزاج المصاحبة لقلة النوم، أو قلة التركيز، أو الخمول، والتي بدورها تؤثر على جوانب أخرى مثل العائلة، والعمل، والدائرة القريبة والبعيدة أيضا.
***
كتاب لماذا ننام؟
أنهيت مؤخرا كتاب (لماذا ننام) للكاتب ماثيو ووكر، وهو عالم الأعصاب الذي تحدث وبشكل مسهب عن أثر النوم وأهميته للكائن البشري، وهو كتاب رائع جدا تطرق فيه الكاتب لعدة نقاط من ضمنها:
١) النوم مهم جدا خصوصا من الناحية التعليمية، فعند تعلمك شئ ما يفضل أن تخلد إلى النوم بشكل مبكر، لأن في ذلك إحتمالية عالية في تثبيت المعلومة لديك بما نسبته ٤٠٪ مقارنة بمن يتأخر في النوم مبكرا.
٢) منطقة الحُصين أو ما يسمى بالانجليزية (hippocampus) هي منطقة صغيرة تحت الدماغ والمسؤولة عن نقل المعلومات والذكريات بشكل مستمر خصوصا تلك قصيرة الأمد نحو أن تكون بشكل مستمر ودائم خلال فترة النوم والتي تتراوح ما بين ٧-٨ ساعات في اليوم.
«الحُصَين» hippocampus تَغضُّن صغير في الدماغ، يستقر أسفل كلٍّ من الفصين الصدغيين. ويؤدي دورًا مهمًّا في تكوين الذكريات؛ إذ يأخذ خبراتنا وتفاعلاتنا، واضعًا إياها فيما يشبه القالب، عبر صنع روابط جديدة بين الخلايا العصبية
Scientific American
٣) قلة النوم وفقدان الذاكرة هي المرتبطة إرتباطا قويا بأمراض الخرف، والزهايمر.
٤) قلة النوم بمعدل ساعة واحدة فقط في اليوم قد تزيد من معدل الإصابة بالنوبات القلبية لما يصل نحو ٢٤٪.
٥) بينما على النقيض زيادة ساعة واحدة لصالح النون سوف تقلل فرص حدوث نوبات قلبية لما يصل نحو ٢١٪.
٦) الجهاز المناعي في الجسم تنخفض بنسبة ٧٠٪ وذلك عند خلودك للنوم لمدة ٤ ساعات فقط، مما يعزز فرص حدوث الامراض، والالتهابات، وربما في مراحل متقدمة للسرطان بسبب التغير الجيني الذي يصيب الخلايا.
هل من نصائح لنوم أفضل؟
ينصح ماثيو لزيادة جودة وكمية النوم بإتباع عدة طرق واضحة لنوم هانئ منها:
١) التنظيم:
ويقصد بذلك أن تنام في وقت واضح ومحدد سواء في أيام العمل، أو عطل نهاية الأسبوع.
٢) غرفة باردة:
أن تنام في غرفة باردة بدرجة حرارة ١٨ درجة مئوية هي من الأمور المحفزة في النوم بدرجة كبيرة.
٣) الظلام الدامس:
حينما تتجنب إضاءة شاشة جوالك المحمول قبيل ساعة من نومك، مع إطفاء أنوار غرفتك بشكل كامل، هو ما يحفز على إفراز هرمون النوم (الميلاتونين) والذي بدوره سيساعدك في الانخراط بالنوم سريعا.
٤) نشاط مختلف:
إن لم يأتك النوم بشكل سريع عليك الخروج من غرفتك، وقيامك بنشاط مختلف ولا يتطلب منك التركيز الكامل، مثل قراءة كتاب، أو استماعك لشئ تحبه، أو ممارسة التنفس المنتظم، أو استحمامك من ثم خروج لغرفة باردة سيساعدك في الخلود للنوم.
٥) تجنب المنبهات:
يوجد في المنبهات الطبيعية مادة (الكافيين) وهي من المواد التي تبقى في الجسم لفترة زمنية طويلة تصل لعشرة ساعات كاملة عند تناولها، يفضل أن يكون آخر موعد لك لتناول القهوة أو الشاهي هو قبيل الظهيرة من كل يوم.
٦) العادة اليومية:
تخليقك لعادات يومية ومن ثم تكرارها بشكل مستمر هو ما سيخلق لديك العادة، والتي ستتمسك بها طوال الوقت، كتنظيم النوم، والغرفة البادة، وتجنب الاجهزة اللوحية، والنوم في الظلام الدامس، مع تجنبك للمنبهات كأن يكون آخر كوب لك في ظهيرة كل يوم إن اضطررت لذلك هو ما سيخلق لك عادة تؤمن لك نوما عميقا وهانئا.
***
ماذا عن تجربتي الخاصة؟
من خلال قرائتي لكتاب ماثيو (لماذا ننام) كنت قد فهمت معنى مركب الادينسوين Adenosine هذا المركب بشكل مختصر هو يفرز بشكل طبيعي ومستمر في الجسم منذ صباحك الباكر حتى غروب الشمس، وهو الذي يقوم بالضغط على دماغك في نهاية اليوم لكي يدفعك دفعا نحو غرفة نومك لأخذ قسط من الراحة، ولكن الصادم هو في مركب القهوة الكافيين Caffeine لأن هذا المركب هو العدو اللدود لمركب الادينسوين خصوصا لدى المستقبلات الدماغية ، فعند تناولك لكوب قهوة إعلم تماما بأنه سيستغرق وقتا طويلا لكي يخرج من جسمك، وقد يتراوح هذا الوقت ما بين ١٠-١٦ ساعة من الجسم وذلك بإختلاف الأجسام، وإن تبادر لذهنك بأن الكافيين لا يؤثر فيك البتة، سأدعوك لأن تتناول كوب قهوة واحد فقط في اليوم وذلك في الصباح الباكر والإكتفاء بذلك الكوب دون غيره، سوف أضمن لك نوما سعيدا وجميلا فقط لأنك تركت مركب الادينسوين يقوم بعمله دون مشاركة الكافيين.
منذ اليوم الأول الذي كنت قد شربت فيه كوب قهوة واحد والذي قد أعددته في المنزل صباحا، وبعد رجوعي من العمل ارتديت ملابسي الخاصة بالرياضة وذهبت للنادي الرياضي، عقبها تناولت وجباتي الصحية، ما هي إلا بضع ساعات فقط حتى داهمني النوم عند الساعة ٩ مساءا، ولمدة أسبوعين كاملين وأنا على ذلك الحال الطيب في الاستيقاظ والنوم المبكرين.
مالذي تغير في حياتي؟
الحقيقة هو تغير جذري للأفضل، أن تصحو صباحا لتنهي كافة أعمالك قبل أن تقوم بالحضور لدوامك هو أمر رائع جدا يبعث السرور، والطاقة، وخلال أوقات العمل نفسها الملاحظ بأن هناك تركيزا عاليا جدا، وقدرة كبيرة على التفكير والخروج بحلول إيجابية وعدم وجود فرصة للضغوطات وللأفكار الضبابية بأن تستحوذ عليك، مع عدم الرغبة في أخذ قسط من الراحة بعد صلاة الظهر أو الدوام مباشرة وإنعدامها تماما، سابقا كنت أرغب بالنوم لمدة نصف ساعة وصولا للساعة الكامل وقد تمتد لبعد ذلك، جودة كبيرة في النوم العميق، خصوصا بعد تطبيقي للنصائح تلك المتعلقة بالظلام وتجنب أضواء الشاشات، والابتعاد عن الكافيين، والقراءة قبل النوم.
أما عن نهايات الأسبوع، فلا ضير أن أخلد للنوم مبكرا لأن السيارات المكتظة في شوارع العاصمة الرياض ليلا، لن تشتاق لمعاركها، لكن الصباح في نهاية الأسبوع مع خلود الكثير ممن كانت لياليهم صاخبة للنوم، يعني أن تتناول فطورا مميزا في أحد المطاعم الكثيرة والمنتشرة في العاصمة الرياض، مع إعدادك لكوب قهوة ساخن Chemex أو تجربتك لأحد المقاهي المختصة التي تعج بها المدينة، مع ممارسة الرياضة، وقضاء وقت رائع وجميل مع الأهل والأصدقاء، خصوصا أولئك الذين يفضلون أضواء الصباح عوضا عن لياليه.
***
ما هي المركبات التي يوجد بها الكافيين؟
هناك العديد من الأصناف التي يوجد بها مركب الكافيين، منها الشوكولاتة الداكنة، وبعض المشروبات الغازية، يفضل ألا يتجاوز نصيبك اليومي من الكافيين عن ٣٥٠-٤٠٠ ملج في اليوم الواحد، ويمكن حساب ذلك بضرب وزنك الحالي في العدد ٣.
مثلا لو كان وزنك هو ٨٠ كج x ٣ ملج كافيين= ٢٤٠ ملج في اليوم الواحد
مركبات تحتوي على الكافيين
مصادر أخرى تحدثت عن الكافيين!
في إحدى حلقات بودكاست على البنش كانت قد تحدثت عن آثار الكافيين بشكل أكثر تعمقا، وهو برنامج أوصي فيه الرياضيين سواء كانوا هواة أو محترفين لما يحتويه من معلومات مهمة تختص بالرياضة بشكل خاص.
***
تجارب في النوم المبكر!
كثيرة وعديدة هي تجارب الاستيقاظ والنوم المبكرين، ولكن أحد أكثرها إنتشارا وتأثيرا مؤخرا هي تجربة عبدالله العلاوي في اليوتيوب، والتي أنصح بمشاهدتها.
مالذي أقرأه حاليا؟
أقرا حاليا (الكتاب الذي تتمنى لو قرأه أبواك) لفيليبا بيري، وهو كتاب يحكي عن التربية والسلوك المتأصل لدى الأبوين في توريث أبنائهم العديد من الصفات التي تكون فيهم، بالإضافة إلى السلوك اليومي تجاه الأطفال من قبل أحد الوالدين أو كلاهما، وكيفية تحسين التجاوب مع الأبناء بطرق عميلة تساعد في تربية الأبناء وتفهم مراحلهم العمرية المختلفة، وهو كتاب رائع وبديع، يقوم بتبسيط الفكرة وإجراء بعض التمارين التي من شأنها إبقاء الفكرة في ذهنك ومن ثم تطبيقها بعد ذلك.
***
مالذي شاهدته مؤخرا؟
قبل أسبوعين كنت قد شاهدت فيلم The big short وهو فيلم يحكي عن الحدث الذي هز أسواق التجارة والبورصة الأمريكية وذلك في عام ٢٠٠٨ م في أزمة الرهن العقاري الذي إنهارت معه أشهر البنوك في ذلك الوقت وأعلنت إفلاسها بعد تسريح العديد من الموظفين، وحالات الانتحار، وتشريد العديد من البشر ليكون الشارع هو مأواهم الجديد، الفيلم يحكي العديد من المصلطحات المعقدة والتي تستوجب منك التوقف والبحث عن معانيها في العديد من المرات، وهو فيلم أوصي بمشاهدته خصوصا في الأيام الحالية التي تشهد صراعا ساخنا بعد تبعات زيادة حجم الفائدة، وإرتفاعات التضخم الشديدة التي وصلت لمستويات غير مسبوقة من قبل كالتي نشاهدها اليوم.
***
مشاركة مميزة قرأتها مؤخرا!
المقالة التي كتبتها رويحة عبدالرب في نشرة أها البريدية كانت جميلة، والتي تطرقت فيها عن منصة لينكدين، والتي ننظر فيها بشكل يومي العديد من الاستعراضات وفرد العضلات في مجالات العمل المختلفة، والتي تجعل منك ربما فردا صغيرا لا يصنع شئ يلوم نفسه على عدم الانجاز للحصول على الإشادة والتكريم!
رابط تويتر لقراءة مقال النشرة
اشترك في نشرة خواطر مفكرة ليصلك جديدها
التعليقات