أول أمس اتصلت بي صديقة تخبرني أنها أمام مخفر الشرطة لتقوم بعمل محضر يثبت اعتداء والدها عليها بالخنق والضرب والشتم لأجل والدتها! فزعت في الحقيقة كيف تصل فتاة لهذه المرحلة التي تكره فيها أمها ثم تقوم تحرير محضر لوالدها!
حاولت سؤال الأم عما يحدث بالضبط، قالت الأم أن صديقتي لديها تبول لا إرادي رغم وصولها لهذا السن، ترفض أن تنظم أشياءها لا ترغب لأحد أن يراها، تجلس في الغرفة وحدها ولا تغسل الحاجيات التي تبولت عليها... تصف الأم بأبشع الألفاظ والصفات، اصبت هنا بحيرة شديدة من أمري ولكني لم اخبر الفتاة عما قالته أمها حتى لا احرجها.
حاولت صديقتي التحدث معي مرة أخرى لتقديم الدعم لها، اخبرتها أنني اشعر أن في الأمر سر شديد، هناك معضلة عويصة تشعرها أنها تكره أمها، ربما خذلتها ربما لم تحبها ولم تساعدها! أردت استدراجها لكي تخبرني من نفسها حتى نحل الأمر معًا دون أن اخبرها بعلمي مسبقًا! ولكنها رواغ، فاتفقنا على أن تخبرني مشاعرها تجاه أمها حتى لو لم نتحدث عن السبب!
كما توقعت تمامًا، الأم التي بكت من فرط حنيتها، كانت تعامل ابنتها بمنتهى الاشمئزاز، لا تأكل شيئًا لمسته، كانت تتهمها بالتمثيل وهي صغيرة، تحبسها في غرفة مظلمة وتضربها بمنتهى القوة حتى تخاف من التبول! كل ذلك تخبرني صديقتي إياه وهي لا تعلم أني اعرف سبب تصرف والدتها!، لتخبرني انها لم تشعر يومصا أنها محبوبة، يتحدث اخوتها دائمًا أمامها بشئ وتسمعهم يتنمرون عليها من خلف ظهرها! لم تحاول أمها أبدًا رفع ثقتها أو اعطائها الحب والود لتتجاوز هذا، بل كان اسلوبها في العلاج أن تضربها!
آه يا رب، كم أن حب الأهل مؤثر في الناس! الآن افهم مشاعر صديقتي تمامًا، كيف تحب نفسها ولم يقم أهلها بحبها؟ كيف لا تلوم نفسها على مرضها الذي عانته منذ أربعة سنوات إلى أن اصبح عمرها واحد وعشرين سنة، واشعر بالغيظ حتى من الدموع التي ذرفتها أمها لأنها تقوم بغسل ملابسها وتقوم بالمسح مكانها! أهذه حقًا هي المعضلة التي تؤرقك؟ ولم يؤرقك يومًا بكاء صغيرتك طول الليل بسبب ضربها؟
الآن اتفقت مع الفتاة أننا سنخوض علاج نفسيًا تحرر فيها مشاعرها مع أمها وتتوقف عن ظلم نفسها فيها، وأن تقدم لنفس التعاطف والحب التي لم تقدمه الأم يومًا! اعرف كيف اساعد الفتاة، لكنني لا اعرف كيف اجعل الأم تفيق من هذه القسوة!
التعليقات