المستقبل الوردي

مازال منقوش في شمع ذاكرتي الوقت الذي كنا نقضيه في المدرسة الإبتدائية  كنا أطفالا نرى حاضرنا شيئ جميلا نستمتع به وحتى وإن كانت صعوبات تعترضنا لكنها تمضي بشكل سلس ومريح ، وكان المستقبل حلما مبهر وبعيد وأول محطة إليه هي أن نكبر لأننا سنفعل هذه وتلك وأشياء تتخيلها عقولنا الصغيرة على أنها رائعة ، سنستطيع أن نكون مثل الطبيب 'عادل' اللطيف الذي يزوره الناس في المستشفى للشفاء ، سنحظى أيضا بذلك الشكر وتلك الإبتسامة على وجوه المرضى، ولما لا نكون مثل معلمتنا الجميلة ، إنها تعرف أمورا مثيرة ولم يسبق أحد أن حدثنا عنها ،إنها قطب المعرفة وموسوعة العلم ، سنغنم بكل تلك المعرفة يوما ما.

كانت أحلامنا أشياءا كهذه وأمور أخرى ليست في واقعنا ذاك ولن تحقق إلا في المستقبل . كنا نعلم أن الطريق طويل  ولو كانت مسألة وقت أو مسألة أن تنمو أجسادنا فالأمر ليس سيئا حتى وأن كان صعب الصبر لكننا سنصبر . 

بهذه البساطة كنا نفكر وبهذه السهولة تخيلنا الحياة  والحقيقة أعمق وأقسى من ذلك ، لم يخطر على بالنا من قبل أنه عندما نكبر سنسقط وتتورم أرجلنا كما يحدث في صغرنا ويكون الألم أشد وأمر ، لم تمر فكرة في خيالنا كأن تصفعنا الحياة صفعة أقوى من تلك التي  كانت المعلمة تصفعنا عندما نخطأ الإجابة أو نقلل الأدب ، لم نكن ندرك أن في المستقبل خذلان أكبر من تطلب منك المعلمة رؤية تمرينا منزليا وأنت نسيت دفترك وقد كنت أجبت عنه بصعوبة مساء أمس . 

كنا نحزن لأن صديقا حصل على نقطة عالية أكثر منا ، وربما لأننا لم نحصل على مقدار كبير من الحلوى مثل أخينا الصغير ، أشياء بسيطة أحزنتنا لكن لو علمنا ما سيحزننا في المستقبل الوردي مختزل كل احلامنا وأقصاها لما حزن قلبنا على تلك الأشياء أبدا . 

لو كنا نعلم الحقيقة لما سعينا أن نكبر وتعجلنا ذلك بل كنا سنتمنى أن نبقى أطفالا إلى الأبد ونعيش تلك أيام بكل جميل تحتويه وكل مشقة تعترضنا على الأقل لن تكون أقسى من ما ينتظرنا في المستقبل .

# مروة