الحديث عن مستويات التحرّش في العالم العربي مجرد تحصيل حاصل .. الأصل في المجتمعات العربية الآن هو التحرّش ، ليس فقط من الناحية الجسدية - وهي الاغلب بالنسبة للنساء - إنمـا أيضاً بتوسيع المصطلح ليشمل تحرّش من النوع العنصري ( اللون ، العرق ، الدين ، الوضع الاقتصادي والاجتمـاعي ) ..

في حياتي ، رصدت بعيني عشرات المواقف من التنمّر أو التحرّش كانت سبباً في تحوّل مسار حيـاة أصحابها .. رأيت بعيني بدنـاء عانوا التنمّر طول الوقت بالسخرية أو الشتائم لمجرد ركضهم على الطريق العام في محاولة لتنحيف اجسادهم ، فكانت النتيجة اكتئاب مُزمن .. فتيـات تُهـان بشكل مباشر بسبب وزنها أو لونها او حتى حسنها .. اشخاص من أديان ومذاهب معيّنة يعانين من مواقف شديدة السخافة من آخرين بشكل شديد الفظاظة ..

لاحقاً ، أدركت أن كل حادثة من هذه الحوادث تترك ندبة لا تندمل مُطلقاً ، حتى وان بدى على صاحبها انه نجح في تجاوزها .. هذه الندبة قد تكون سبباً في رد فعل عنيف للغاية تجـاه المجتمع بشكل مدهش ..

كتجربة شخصية ، لديّ صديق عاش في دولة خليجية ، كوّن تجـاه اهلها وجهة نظر سلبية للغاية .. كلما جيء بإسمها ، أصابته حالة من الجنون ليسب ويلعن كل مافيها ومن فيها .. لاحقاً ، حكى لي انه تعرّض لمواقف تنمّر عديدة ، إما بمعاناته بسبب جنسيته في هذه البلد ، أو تعرّضه للعديد من مواقف السخرية غير المبررة جعلته يشعر بالكـراهية دائماً ..

هل تعرّضت للتحرش أو التنمّر بأي شكل ، جعلك تتخذ موقفاً عدائياً - لا شعورياً - تجاه المجتمع او الحياة .. واذا نعم ، هل استطعت تجاوز هذا الشعـور ، ولديك الوعي الكافي بأنه - حادثة فردية - بالنسبة لك ، لا ينبغي أن تشعر بالكـراهية تجاه المجتمع من وراءها ؟