مرحباً يا أصدقاء .

سأحدثكم اليوم عن تجربتي الطويلة في العمل التطوعي، وكيف أثّر ذلك على حياتي ولن أسهب في شرح أوجه العمل التطوعي وفوائده وطرقه إنما سأسرد تفاصيل قصتي الخاصة في هذا المجال وكيف أثّر انخراطي فيه من عمر صغير على تكوين شخصيتي وصقلها على ما أنا عليه الآن .

بدايتي كانت من المدرسة وبالتحديد في الصف السادس الإبتدائي، لا أعلم لمَ ولكن حملتني قدميّ إلى التسجيل في جماعة تدعى جماعة العمل التطوعي المدرسية، ووجدت نفسي قد أصبحت عضواً فيها دون أي تخطيط أو تجهيز سابق، كل شيء حدث خلال لحظات وكأن قدميّ كانت تقول لي "هذا قدرك يا عزيزتي.. هنا ستكونين تقوى" .

بالحديث عن العمل التطوعي في المدرسة، نحن نتحدث عن عمل جماعي منظم يحتوي على أعضاء من طالبات ومشرفات للقيام بحملات داخلية -داخل المدرسة- وخارجية -خارج أسوار المدرسة-، وليست مجرد أعمال فردية أو توعيات داخلية .

وفيما يلي بعض الفوائد من عملي في العمل التطوعي :

روح العمل الجماعي

عندما تكون فرداً من جماعة أو تنظيم، فأنت مجبر بشكل أساسي على التعامل مع المجموعة والتحلّي بقيم التعاون والإخاء والإنتماء إلى الجماعة التي تندرج تحت اسمها، وأنت مجبر على إبداء رأيك وتقبل آراء الآخرين أيضاً والتحلي بالصبر والروح الرياضية، كل هذه الأمور تعلمتها وتعمقت فيها خلال السنوات التي كنت فيها جزءاً من هذا الفريق .

القيادية

من الصعب أن تزرع في فرد في مقتبل العمر سمات الشخصية القيادية والتغلب على رهبة تسيّد الجماعة والإشراف على شؤونها، ومن الصعب أن تصنع منه إنساناً قادراً على تحمل المسؤولية القيادية، ولكن سنوات وجودي في الفريق وشعوري بالإنتماء والمسؤولية تجاهه، كل ذلك ساهم في صنع تقوى أخرى أصبحت على رأس الجماعة بعد عامين فقط من انضمامها لها .

بتر الأنانية

كأطفال تكون الأنانية جزء من شخصيتنا الصغيرة، وتختلف صورتها وبروزها من طفل لآخر، ولكننا لا نستطيع إنكار وجودها، على سبيل المثال من منكم عندما كان طفلاً في وقت فراغه فكّر في معاناة الأطفال الآخرين عوضاً عن التفكير في تلك اللعبة التي يريد الحصول عليها ؟ تكاد تكون الإجابات على هذا السؤال موحدة بـ لا أحد، وهذا متعلق بالتربية التي نشأ عليها غالبية الأطفال الذين أشعرهم والديهم طوال طفولتهم أنهم "كل ما تدور حوله الحياة"، لذلك ما أضافه لي العمل التطوعي هو التفكير في الآخرين وأثر تصرفاتنا عليهم، وليس فقط مع الناس بل حتى مع بقية الكائنات، فأنا حتى الآن أمتنع عن رمي القمامة على الأرض أو الشاطئ وهذا نتاج تجارب تطوعية تعلمت منها وليس نتاج دروس نظرية ومحاضرات حول أهمية النظافة ومثلها كثير في المدارس .

العمل التطوعي لا يخرج منّا

حتى هذه اللحظة التي أكتب فيها إليكم، لا أزال مرتبطة بهذه الكلمة بشكل عميق، تجذبني فرص وحملات التطوع في مختلف المجالات، أريد أن أكون جزءاً من مشاريع تطوعية على الدوام، أشعر بالمسؤولية تجاه كل ما هو حولي من بيئة ومجتمع وبلد وأفراد، وهذا لا ينتهي .. بل أحاول أن لا ينقضي يومي إلا وقد قمت بمساعدة صغيرة لشخص ما أو أي كائن آخر .

سرّ من أسرار السعادة

يظن المرء أن سعادته متمحورة حوله وحول تلبية رغباته واتباع شغفه والأمور التي تسعده، ولكن الأمر مختلف تماماً فيما يخص العامل في المجال التطوعي، فهو لا يجد سعادته إلا في تقديم الخير للآخرين وإسعادهم ورؤية ابتسامتهم وسماع دعواتهم، ولا يتذوق السعادة الحقيقية إلا ذلك الذي عندما يضع رأسه على وسادته بعد يوم شاق من العمل يبدأ بتذكر آثار عمله على الآخرين فيبتسم وينسى كل تعبه .. شعور من الجنة !

وفي الختام يا رفاق أود بكل شوق أن أطلع على تجاربكم في مجال العمل التطوعي والفوائد التي تحصلتم عليها منه، واقتراحاتكم فيما يخص العمل في هذا المجال بفروعه وأشكاله، المساحة لكم !