خلال فترة حياة الأنسان القصيرة، لم تجتمع البشرية على شيء واحد كما اجتمعت على مطلبها بالسعادة، فالكل يريد أن يحي سعيد، حتى من يسعون لإيذاء أنفسهم يفعلون ذلك لأنهم قد وجدوا فيه نوع من السعادة الخاص، فهى بمثابة ممارسة ما، تذهب عنهم التوتر، وتعيد لهم إحساس السعادة المفقود.
الكل يسعى لسعادة، لذلك لم يكن غريبًا أن تركز مختلف العلامات التجارية على كلمة السعادة أو HAPPINESS في حملاتها الإعلانية المختلفة.
فمن غير مطلب البشرية الأول يستطيع أن يجذب العميل؟
ولكن مع تمسك جميع الشركات على التركيز على نغمة السعادة، فقدت معظم العلامات التجارية تميزها، وضاع الشيء الوحيد الذي يميز العلامة التجارية عن الأخرى، وهو شخصيتها المستقلة.
بعض الشركات وقعت في هذا الفخ، والبعض الأخر وعى مبكرًا لخطورة الوضع، فدرست بعض الشركات تأثيره على المدى البعيد، وكيف ستتضرر الصورة الذهنية للشركة، فتوقفت عن استخدام السعادة ككلمة في أغلب حملاتها، ومن أشهر العلامات التجارية التي اتخذت هذه الخطوة ، الشركة العالمية كوكاكولا.coca cola
شركة كوكاكولا Coca-Colal
ركزت شركة كوكاكولا العالمية المتخصصة في صنع المشروبات الغازية في حملتها عام 2009 على جملة واحدة فقط، ألا وهي : open the happiness
حيث ربطت العلامة التجارية بين زجاجتها الشهيرة، وبين الحصول على السعادة، فمجرد فتحك لزجاجة واحدة من زجاجات كوكاكولا، ستحصل على مبتغاك من السعادة التي تبحث عنها، هكذا وبكل بساطة، ولكى تدعم العلامة التجارية حملتها زودتها بالعديد من الصور و الإعلانات التلفزيونية التي يظهر فيها الجميع سعيد ومبتهج، والشيء المشترك الوحيد هو إنه يتناول مشروب غازي قامت كوكاكولا بصناعته.
وبالرغم من النجاح الساحق التي حققته الحملة الدعائية حينها، إلا إن العلامة التجارية قررت بعدها التوقف عن استخدام الكلمة في الحملات الدعائية القادمة، فالشركة ترى أن كلمة السعادة لم تعد حكر لها، بل أصبحت كثقافة شعبية بين جميع الشركات، فكلمة سعادة أصبحت كلمة شائعة الاستخدام، ويمكن أن تجدها في كل مكان، الكتب، الروايات، المشروبات الغازية والكحوليات، المأكولات وحتى أوراق الحمامات.
لذلك عمدت العلامة التجارية الشهيرة على رسم استراتيجية جديدة لحملاتها المختلفة فركزت على المشاعر الأكثر خصوصية وحميمة لتكون الواجهة الرئيسية للشركة، بينما تؤثر هي بإعلاناتها على متلقى الرسالة الإعلانية وتجعله يشعر بالسعادة.
وهنا تكمن عبقرية الوضع، فكوكاكولا الآن لم تعد في حاجة لكتابة أسم السعادة في منتجاتها حتى لو رغبت، فبنجاح استراتيجيتها السابقة أصبحت السعادة صورة ذهنية تتفرد بها الشركة، لا لأنهم كتبوها أو كرروها بكثرة، ولكن لأنها جعلت الجميع يختبرها.
وبالرغم أن هذه الاستراتيجية أثبتت نجاحها منذ سنوات عدة، إلا أن هناك بعض العلامات التجارية الأخرى التي مازالت تركز على استخدام شعار السعادة بدون تفكير، حيث ترى بعض العلامات التجارية أن الربح الذي يأتي بالتركيز على هذه الكلمة يفوق العائد عندما يتم التغافل عنها، أو ذكرها باطنيًا في المحتوى البصرى فقط.
ما رأيك أنت؟ أي الاستراتيجيات تشجع؟ وأيهم أفضل على المدى البعيد؟