كنت فى اجتماع مجلس إدارة لأحد الشركات جالس على أحد الكراسي الجانبية، أراقب بصمت. الهواء في القاعة كان مشحون نظراً لاتخاذ قرار هام فى مصير أهم منتجات الشركة، التوتر واضح في عيون الجميع. أمامي يجلس الرئيس التنفيذي والمستشار الاستراتيجي للتطوير، وبينهما شاشة عرض تعرض أرقام المبيعات التي بدأت تتراجع ببطء لكن بثبات.
- الرئيس التنفيذي: الأرقام لا تكذب، منتجنا لا يزال يحقق أرباح جيدة. لماذا تصر على أننا بحاجة إلى قتله؟
المستشار الاستراتيجي : لأنه لم يعد المستقبل. السوق يتغير، والمنافسون يتحركون أسرع منا.
- الرئيس التنفيذي : لكنه ما زال يبيع! الناس يحبونه، لماذا أوقف شيئ ناجح؟
المستشار الاستراتيجي: المشكلة ليست في الحب، بل في التغيير.
نظرت إلى الشاشة. كانت الأرقام لا تزال تبدو جيدة، لكنها تحمل في طياتها قصة أخرى ,قصة منتج يشيخ في سوق لا يرحم.
- الرئيس التنفيذي: وما الذي يمنعنا من تحديثه؟ إضافة بعض الميزات، أو إعادة تصميمه؟
المستشار الاستراتيجي : لأن التحديث أحياناً يكون مجرد إطالة لعمر شيء يحتضر. .التحسين حاليا مجرد مسكن، وليس علاج.
في تلك اللحظة، خيم الصمت. رأيت الرئيس التنفيذي يطالع الشاشة مره أخرى، يدقق في الأرقام، ثم يتنهد.
- ثم قال : ولكن ماذا لو قتلناه وندمنا؟
المستشار الاستراتيجي : هذا هو الفرق بين شركة تفكر في الماضي وشركة تصنع المستقبل، لو لم نفعل ذلك بأنفسنا، لفعلها السوق بدلاً منا.
بدا الرئيس التنفيذي غارق في التفكير. نظرت إلى يده، كانت تطرق الطاولة برفق، كما لو كان يحاول ضبط إيقاع أفكاره. ثم بعد لحظات رفع رأسه ونظر إلى الجميع وقال..
- إذن، السؤال ليس إن كنا سنقتله… بل متى؟
المستشار الاستراتيجي : بالضبط. والوقت المثالي هو عندما لا يزال قوي بما يكفي لتمويل خليفته، وليس عندما يصبح عبئ ثقيل على الشركة.
تنفست القاعة الصعداء، لكنني كنت أعلم أن هذا لم يكن نهاية النقاش… بل بدايته الحقيقية لتجربة وتحدى ستتغير بهما مفاهيمى وقناعاتى فى فن قيادة السوق إذا جاز التعبير.
أتفهم أن ليس كل منتج قديم يجب أن يموت، ولكن بعض المنتجات لا تستحق فرصة ثانية. فكيف تقيم الشركات المنتج الذى يحتاج إلى تطوير، والمنتج الذى قد حان الوقت لتوديعه بشكل نهائى؟
التعليقات