قد تبدوا مسألة إنشاء و بناء شركة ناشئة للوهلة الأولى أمرا بسيط و سهل و لكن الواقع منافي لهذا الأمر تماما بل هو أكثر إرهاقا بكثير من العمل بوظيفة روتينية لا تحتاج إلى الكثير من التفكير، فأول أمر لاحظته بعد أن حاولت إنشاء شركتي الناشئة الأولى هو أن رأسي أصبح يألمني باستمرار و الوقت لم يعد كافيا لكي أقوم بأعمالي الروتينية المعتادة ،فلم أعد أتصفح الفيسبوك و لم أعد أقرأ المقالات و لم أعد أشاهد الأفلام و لم أجد الوقت حتى لكي أتوقف للحظة و أعيد ترتيب أموري ،فإيجاد فكرة جيدة لتحليلها و دراسة السوق الخاص بها و معرفة سلبيات الفكرة و إيجابياتها ليس بالأمر السهل و هذا حتى بدون الوصول إلى مرحلة بناء نموذج العمل التجاري .

في هذه المرحلة ستكتشف الكثير من الثغرات في فكرة مشروعك و ستعلم يقينا أن ما ينتظرك من مشاكل أعظم مما سبق و أن الطريق ليس معبدا كما يعتقد البعض بل هو مليئ بالأشواك و المطبات ،و خاصة إذا كانت شريحتك المستهدفة من العرب و بالضبط من الجزائر ليصطدم بك القطار و تكتشف أنه لا توجد وسيلة دفع إليكترونية يمكن لعملائك إستعمالها لدفع مستحقات استعمال التطبيق ،و هنا تبدأ بالتفكير لكي يكون التطبيق مجاني و تعتمد فقط على الإعلانات كوسيلة دخل و بعد قليل من الحسابات ستكتشف بأن تكاليف المشروع ستكون أكبر بعشرات الأضعاف من كمية الدخل التي ستأتيك من الإعلانات و هنا تفكر جديا بعدم إطلاق المشروع في الجزائر و إطلاقه في مدينة من المدن الأوروبية لتصدم بواقع أن اقتحام سوق أوروبية تحتاج إلى مبالغ طائلة لا يمكنك بأي حال من الأحوال الحصول عليها و هذه المبالغ فقط عند إطلاق المشروع أي عند اليوم الصفر .

بدون ذكر مسألة التوسع التي ستحتاج إلى أضعاف مضاعفة من ذلك المال و هنا يحسم الأمر لتصل إلى نتيجة محتومة واحدة و هي موت المشروع في مهده.

هذه ببساطة قصتي الصغيرة بدون تفاصيل عن مشروع بناء شركة ناشئة ماتت قبل خروجها إلى النور.

الأمر الذي استنتجته من هذه التجربة هو أنه يجب الإختيار بين الدراسة أو ريادة الأعمال فلن تجد الوقت للدراسة إذا اخترت بناء شركة ناشئة و من حسن حظي أني قمت بالتجربة في العطلة الصيفية و لم تتأثر دراستي.

هل حاولتم بناء شركة ناشئة كما حاولت أنا ،أم مازلتم تفكرون في ذلك ؟