في البداية كنت أبحث فقط عن طريقة أنظم بها وقتي، أتابع مهامي وأوفر بعض الجهد لكن مع الوقت صرت أرجع لتلك الأدوات في كل تفصيلة صغيرة، حتى في القرارات التي تحتاج تفكير أو إحساس بالموقف صارت تريحني جدا، لكنها سلبتني شيئا لا يرى: قدرتي على الصبر والتأمل قبل اتخاذ القرار أصبحت أنفذ بسرعة، لكني أفتقد العمق الذي كنت أضعه في عملي سابقا.
ربما الراحة التي تمنحها التكنولوجيا تغري، لكن هل يمكن أن تضعفنا ببطء دون أن نلاحظ؟
التكنولوجيا منحتنا أدوات قوية لكنها خلقت أيضًا نوع جديد من التشتت لم نعد ننجز عملاً دون التنقل بين التطبيقات أو انتظار إشعار جديد حتى أثناء التفكير نميل إلى فتح الهاتف كأننا نخشى الصمت أو العزلة المشكلة في فقداننا للانفصال المؤقت عن العالم الرقمي أرى الحل ليس فقط تقليل الاستخدام بل استعادة قدرتنا على التركيز والهدوء بعيد عن الشاشات لأن الإبداع لا يولد وسط الضوضاء الرقمية
لفتتني فكرتك عن الانفصال المؤقت، لأنها في رأيي أصبحت رفاهية نادرة. أحيانا أحاول الابتعاد عن الشاشة ليوم واحد فقط، فأشعر أنني أفقد السيطرة على مجريات عملي!
لكن هل ترين أن الحل ممكن فعلا؟ أم أننا وصلنا لمرحلة أصبح فيها الانفصال الكامل شبه مستحيل دون أن يتأثر شغلنا؟
أعتقد الأمر ممكن طالما كنا معتادين على العيش من دونها في رأيي مع الوقت سنستعيد القدرة على الانفصال الكامل عن الشاشات البداية ستكون صعبة ربما نشعر بفقدان السيطرة على مجريات العمل لكن مع الصبر وتنظيم الوقت وتخصيص لحظات محددة للابتعاد عن الأجهزة الرقمية سنلاحظ فرقًا تدريجيًا في التركيز والهدوء الداخلي الانفصال المؤقت ليس ترف بل مهارة يجب تدريب النفس عليها ليصبح الأمر طبيعي ونجد أن الإبداع يمكن أن يزدهر بعيدًا عن الضوضاء الرقمية
أتفق معك يا مي أن الانفصال المؤقت ممكن، لكن ربما المشكلة ليست في القدرة على الابتعاد بل في الخوف مما قد نفوته أثناء الغياب. أصبحنا نقيس قيمتنا بالإنتاج المستمر، وكأن التوقف للحظة يعني أننا خرجنا من المنافسة.
في رأيي، الحل ليس فقط في تحديد وقت بلا شاشات، بل في تغيير علاقتنا بالعمل نفسه؛ أن نرى التركيز والهدوء جزءا من الإنتاج لا نقيضا له. حين نعيد تعريف الإيقاع الذي نعمل به، يصبح الانفصال استعادة للسيطرة لا فقدا لها.
اعتقد أنها خلقت ماهو أسوء من التشتت بكثير، لقد خلقت حالة من الإدمان والتعلق السلبي الذي يدمر العقل والنفسية والقدرات المهارية والثقة في النفس، كنت أقرأ قبل مدة بحث حول تأثير أدوات الذكاء الأصطناعي على المسخدمين، يقول أن الناس أصبحت تتخذ قررات مصيرية جدا على رأي تطبيق مثل شات جي بي تي مثل الطلاق والزواج واختيار تخصص أكاديمي، لدرجة أن واحدة من المستخدمين لذيها مشكل جد صغير مع زوجها، لا يستحق حتى الزعل من أجله، أستشارت شات جي بي تي واشار عليها بأن تتطلق من زوجها ضروري وفعلا طلبت الطلاق، وصلنا الى وقت أصبحت هذه الأدوات هي العقل وهي المقرر عنا.
لا يمكننا ذلك طالما أننا نستخدم الأدوات كوسيلة لا كبديل عن وعينا، والمشكلة لا تكمن في الأدوات ذاتها، بل في اعتمادنا المفرط عليها دون إدراك أو توازن.
حين نستخدم هذه الوسائل كدعم لا كبديل عن التفكير والتأمل، فإنها تعزز إنتاجيتنا ولا تنتقص من عمقنا، فالراحة التي تمنحها التكنولوجيا قد تكون مغرية نعم، لكنها لا تضعفنا إلا إذا سمحنا لها أن تحل محل حضورنا الذهني والوجداني في قراراتنا وأعمالنا.
أتفق معك جزئيًا يا بسمة، لكن أحيانا المشكلة لا تكون في الاعتماد المفرط فقط، بل في الاعتياد الصامت حين نستخدم الأداة دون أن نشعر أننا فقدنا جزءا من حسنا الشخصي التحكم لا يسلب دفعة واحدة، بل يتآكل ببطء مع كل تفويض نمنحه للتقنية.
ربما المطلوب ليس التوازن فقط، بل وعي مستمر بما نتنازل عنه حين نتركها تفكر بدلا منا.
التعليقات