بيئات العمل لا تخلو من المشاكل والخلافات بين العاملين؛ سواء بين زملاء العمل، أو بين المديرين ومن تحت إدارتهم.
لكن وجود أفراد محترفين يضمن عدم تأثر علاقة العمل بسبب الخلاف.
وقد شهدت في الأماكن التي عملت فيها من يختلفون لأشد الأسباب ورغم ذلك يستمر العمل، وشهدت من يعطلون العمل لأبسط خلاف؛ فيشتد الخلاف بسبب تعطيل كل منهم للآخر.
فإذا كان لا يمكننا منع الخلافات الطبيعية داخل العمل، كيف يمكن خلق بيئة احترافية لا تؤثر عليها الخلافات بين الأفراد؟
أظن أنه يجب أن تُعزَّز ثقافة الفصل بين الشخصي والمهني، بحيث يفهم الجميع أن الهدف الأسمى هو تحقيق نجاح العمل، بغض النظر عن الاختلافات الفردية. كما أن وجود آليات واضحة لحل النزاعات مثل جلسات النقاش البنّاء أو تدخل طرف محايد يمكن أن يقلل من التصعيد. أيضًا، يجب على القيادة أن تكون قدوة في التعامل مع الخلافات بطريقة راقية وشفافة.
أظن أنه يجب أن تُعزَّز ثقافة الفصل بين الشخصي والمهني
هذه خطوة مهمة بالتأكيد، لكن بعض الخلافات تنشأ بسبب مهني، مثل أن تكون مهمة الفريق (أ) هي ترتيب المنتجات على الأرفف، ومهمة الفريق (ب) هي بيع المنتجات للجمهور.
فمع ضغط العمل يتبعثر الترتيب، فيرى الفريق الأول أنه قد رتب الرفوف مرة فعلى الفريق الآخر المحافظة عليها مرتبة، ويرى الفريق (ب) أنه موضوع تحت ضغط سرعة البيع وازدحام العملاء ومن الطبيعي أن يتبدد الترتيب وهذا جزء طبيعي من العمل.
لخلق بيئة عمل احترافية قادرة على التعامل مع الخلافات دون أن تؤثر على سير العمل، يجب أن نركز على بناء ثقافة قوية من الاحترام المتبادل والتواصل الفعّال. من المهم أن يدرك الجميع أن الخلافات جزء طبيعي من بيئة العمل، ولكن الطريقة التي يتم بها التعامل مع هذه الخلافات هي التي تحدد تأثيرها. تدريب الأفراد على مهارات إدارة الصراعات وتحديد آليات واضحة للتعامل معها يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل تأثيرها السلبي.
أيضًا، من الضروري تعزيز العمل الجماعي وتحفيز الجميع على التركيز على الأهداف المشتركة بدلاً من الانشغال بالصراعات الشخصية. عندما يتم التركيز على المصلحة العامة للفريق وتقدير كل فرد لدوره في نجاح الفريق، يصبح من السهل تخطي أي خلافات والعودة بسرعة للعمل دون تعطيل.
ذلك جيّد جداً، لكن دوماً في كل عمل لا يكون الجميع بنفس الكفاءة أو يهتمون بالتعاون في العمل الجماعي بنفس الدرجة، فماذا إذا كان أحد الموظفين في أحد النقاط يتباطأ ويؤثر على عمل الآخرين؟
على سبيل المثال: الهيئات التي تشترك في تقديم مهمة أو خدمة، خطأ واحد من موظف واحد قد يجعل المواطن يعيد دورة الأوراق بالكامل فيتوجه بالشكاية ويتم استجواب جميع الموظفين.
لقد واجهت هذا الوضع بالفعل، وكان من حسن حظي أنني تمكنت من خلق بيئة ترفيهية موازية لبيئة العمل. قمت بتخطيط بعض الأنشطة التي تجمع أفراد الفريق خارج أوقات العمل، مثل الخروج للسينما أو تناول العشاء في مكان ما. كما كانت هناك بعض المفاجآت التي نظمتها لأعضاء الفريق بمناسبة معينة، حيث كان الجميع يساهم في ذلك. هذه الأنشطة كانت تمنح الفريق فرصة للتفاعل خارج الضغوط اليومية للعمل، مما ساعد على تقوية الروابط بينهم. وبدلاً من أن تؤثر الخلافات على سير العمل، أصبح لدينا مساحة للتواصل والتفاهم بعيدًا عن أجواء التوتر، مما ساهم في تعزيز بيئة العمل بشكل عام.
كما قلت فإن أي بيئة عمل لا تخلو من نزاعات ومشاكل بين الزملاء ولكن من وجهة نظري اهم ما يمكن عمله هو وجود آلية واضحة لحل النزعات أو الخلافات مثل أن نوظف لجنة مختصة أو مستشاريين متخصصين لحل المشاكل بسرعة قبل أن تتفاقم. كذلك يجب حل تلك الخلافات مبكراً قبل أن تتصاعد.
أعتقد من البداية لا يجب ان نصل لوجود لجنة مختصة لحل النزاعات بالعمل، برأيي هذا الاقتراح وجوده يعطي انطباع أن بيئة العمل وارد الاختلاف والصراع السلبي بها، في حين لو أن ثقافة العمل من الاساس ركزت على أن تضع النقط على الحروف، بالتواصلات والتعاملات بين أفراد الفريق الواحد، وبين أفراد الفريق والمدراء، وتوضيح التجاوزات ورد الفعل وقتها بشكل مكتوب يقرأه الموظف سيدرك ما هو مقدم عليه من حقوق وواجبات والتزامات
إستراتيجية جيّدة لكن قد تنتهي بالإدارة تتدخل في التفاصيل الدقيقة والمملة لكل مهمة من مهام العمل، فتتدخل في طريقة تسليم المهام وكونها منظمة بطريقة محددة، ودور كل فرد بدقة متناهية وكذلك الوقت الذي يستغرقه لتأدية المهمة بالتحديد، وبأن المدير يقف أمام كل فرد ليوجهه ليفعل شيء محدد، خصوصاً في البيئة التي يكون فيها أدوار الموظفين متتالية وتعتمد على بعض.
سأضرب مثال للتوضيح: خدمة الغرف بالفنادق لو تباطأت سيتحول غضب العملاء على مكتب الاستقبال.
كما يظهر ذلك في المطاعم، فتأخر مكوّن واحد من مكوّنات الطعام سيعطّل سلسلة تقديم الطعام بالكامل.
تنسيق العمل والإجراءات وتوحيد ثقافة المكان وفقا لرؤيته ووفقا لأهدافه لا تعني أبدا مركزية القرار وأن كل طرف سينتظر موافقة من يعلوه أو سيكون مجرد أداة لتنفيذ المهام، هذا غير صحيح أبدا، ولكن أي مكان لينجح لابد أن يكون له ثقافة تنظيمية تجبر أي موظف أن يتعامل وفقها، وإلا لا يكون له مكان بها، لذا لو أنا غير منظم ودخلت شركة معروف عنها أنها بقمة النظام، وأن هذا معيار لا يتاغضون عنه لدرجة أن من لا ينظم مكتبه بعد الدوام يفرض عليه غرامة، هل ستنظم مكتبك أم لا؟ بالتأكيد سينظم، فدوما الثقافة التنظيمية أقوى من ثقافة الفرد وسلوكه
الثقافة التنظيمية عالية الكفاءة والشمول تتطلب موظفين مرتفعي الكفاءة، فمن ناحية قد يصعب توفرهم، ومن ناحية أخرى فإن رواتبهم تكون مرتفعة بالنسبة لمتوسط الأجور..هل تعتقد أن هناك طريقة لموازنة تلك المعادلة؟
التعليقات