" نعم لمقاطعة العلامات التجاريّة العالميّة التي لا تدعم القضية الفلسطينيّة" لربّما هذه الحملة هي أشهر حملات المقاطعة منذ عدّة سنوات والتي تكاتف المواطنين العرب في تبنيها. ولكن الزّاوية التي لم يراها الكثيرون منّا لهذه الحملة، هي زاوية الموظّف العامل في إحدى تلك الفروع منذ عدّة سنوات. فهل تشمله المقاطعة أيضًا أم عليه أن يحافظ على مصدر رزقه والتضامن مع قضية العصر بشكلٍ خفي؟

أرى هذا التساؤل حول الرد الطبيعي للموظّف العربي معضلةً أخلاقيّة لا يمكن البت فيها بشكلٍ هيّن. فاليوم معدّلات البطالة في العالم العربي في أقصى معدّلاتها في ظل الرّكود الاقتصادي الذي يشهده العالم. وفي نفس الوقت فإنّ التضامن مع جهةٍ مناهِضة لقضية بحجم هذه القضية ليس أمرًا يمكن السكوت عنه. وفي هذا المجال قرأت قصّةً لشابٍّ سوري يعمل في فرع من فروع ماكدونالدز في إحدى الدول العربية. وقد حكى "رائد" (وهو إسم وهمي) عن تخبطه لاتخاذ القرار المناسب. وفي النّهاية فقد آثر البقاء والحفاظ على مواقفه بشكلٍ خفي. وعندما سأله أحد أصدقائه المستقيلين عن ذلك برّر موقفه بأنّ العالم يغرق بهذه العلامات التجارية العالمية المناهِضة للقضية. فإن كان ممكنًا أن تستقيل من وظيفتك التي تعمل " ضد القضية" فليس بإمكانك أن ترمِ حاسوبك من ماركة Hp الذي يحوي بياناتٍ هامّة وأن تتوقف عن استخدام فايسبوك أو أن تبيع هاتفك الإنتل ذو السعر الاقتصادي بسعرٍ زهيد لتشتري هاتفًا آخر لا تمتلك فارق السعر فيه. فجميع هذه العلامات اتخذت مواقفًا ضد القضيّة. ولذلك فأنا أفضّل أن أبقى في عملٍ يعينني على إعالة نفسي.

أنا أوافق "رائد " الرّأي في أنّنا من الصعب أن ننسلخ عن جميع هذه الشركات التي أبدت مواقفًا عدائيّة ضد القضية. السبب؟ لم نشجّع يومًا الاقتصاديّات ذات الاكتفاء الذّاتي. ولذلك فأسواقنا تغرق بالفعل بهذه العلامات التجارية الشهيرة التي لا نهاية لها. نريد الخلاص؟ لنبدأ بتشجيع صناعاتنا المحليّة ومن ثمّ نشجع شبابنا على العمل ضمن هذه الشركات المحلية التي قد تنتقل نحو العالم.

وأمّا بالنسبة لموقفي فإنّني أؤثر الاستقالة على البقاء في عمل يناهض قضيّة بحجم هذه القضيّة. فكما يقال" وما الحياة إلّا وقفة عزٍّ فقط".

ماذا عنكم، لو كنتم تعملون في إحدى فروع هذه الشركات المناهضة للقضيّة، هل تبادرون بالاستقالة أن التضامن الخفي؟ ولما ذلك؟