وفق مشاهداتي وما عاينته داخل مؤسسات رواد الأعمال والذين امتازت أنشطتهم المهنية بغزارة التنوع والإثراء، فإن أنشطة التعهيد الجماعي كانت الأوفر نصيبا والأبلغ أثرا في قطاعات مختلفة من الصناعات بشتى أقسامها.
وطبقا لمعهد الإنتاجية الواقع في ولاية كونيكتيكت، فإن مصطلح التعهيد الجماعي يشير إلى عملية توليد البيانات وذلك، من خلال الاستعانة بعملاء الشركة والإستفادة من مقترحاتهم وتصوراتهم في حل مشكلة ما ومواجهة تحد محتمل.
بناء عليه، فإن الشركة في هذه الحالة تقوم بإعطاء عملائها وظيفة سياقية كان من المرتقب أن يتولى تنفيذها أحد العاملين بها، لكنها تتوجه إلى عملائها، منادية إياهم بتقديم خبراتهم والمساهمة في تنمية مقدرات الشركة وإعلاء مصالحها.
هذا، بطبيعة الحال، يحسن من أداء الشركة ويعزز جودة خدماتها كما يسرع من إيجاد حلول لمشكلاتها؛ بجانب خفض تكلفة مشروعات الشركة لكونها ستتلقى استشارات مستفيضة تطرحها مجموعة كبرى من الأشخاص الذين تتفاوت معارفهم وتتفرع مصادرهم الأدبية والعلمية. تجدر الإشارة إلى أن مؤسسات شهيرة منها ستاربكس وسامسونج وإير بي إن بي قد استطاعت بنجاح تطويع هذا المفهوم وجعله مصدرا لترقية منتجاتها بما في ذلك إضافة نكهات لأطعمتها وإعادة تسمية أقسامها، بل واستخدام طرائق مختلفة للترويج بكثافة لعلاماتها التجارية.
فمع مطلع عام 2008، أطلقت ستاربكس منصتها الشهيرة My Starbucks Idea، باعتبارها منصة التعهيد المتوافقة واحتياجات المستهلكين والمناسبة تماما لتقديمهم أفكارهم ومقترحاتهم الرامية للارتقاء بمنتجات الشركة وخدماتها المتنوعة. حققت المبادرة نجاحا بالغا إذ تلقت خلال عامها الأول 70 ألف فكرة اختارت منها الشركة 300 فكرة صالحة للتنفيذ. كان من بين هذه الأفكار مقترح تقديم أشربة خالية من مادة السكر وإعطاء كل عميل يقوم بشراء كوب معاد تدويره شرابا يختاره من بين قوائم المنتجات، بجانب قبول سداد القيمة المالية عبر أجهزة الهواتف.
بعد نجاح المبادرة السابقة وتحقيقها لأهدافها الترويجية، سارعت ماكدونالدز في النصف الأول من عام 2011 إلى بناء سياستها التعهيدية وذلك، من خلال مبادرة مبتكرة أسمتها "My Burger"دعت بواسطتها جميع عملائها إلى إعداد شطائرهم المحببة وانتقاء مكوناتها بأنفسهم مع مشاركة العملاء الآخرين طريقة الطهي والتهيئة. استشرت الحملة كالنار في الهشيم وفي غضون شهر واحد، تم إعداد 113.000 شطيرة اختار العملاء أفضلها من حيث جودة العناصر واعتدال المذاقات. وعلى مدار شهرين تاليين، استطاعت الحملة أن تستقطب إلى موقع المطعم 7.000.000 زيارة ومشاهدة مما كان عاملا مساعدا على جلب المزيد من المبيعات؛ خاصة بعدما تناولتها وسائل الإعلام، واصفة إياها بحملة الترويج الأنجح عالميا.
التعليقات