ذات مرة علق المدير في عملي السابق وفي اجتماع من اجتماعاتنا الدورية على إحدى الأعمال التي تطلبت تكاتفًا بيني وبين موظفين آخرين لإنجازها. قال حينها ينقص العمل اللمسة الإبداعية التي لا يؤديها إلا فريق عمل متصارع. كانت صدمتي حينها وصدمة الباقيين غير موصوفة إذ إن المدراء عادةً ما يبحثون عن التوافق بين أعضاء الفرق لا الصراع وتأزم العلاقات. استطرد حينها قائلا التوافق يعني أن جميع الأفكار متشابهة ولا أفكار جديدة محل النقاش. أما صراع الأفكار وتبيانها بين أفراد الفريق يدفعهم للبحث عن الجديد كنوع من المنافسة والسعي لسد الثغرة في الفكرة السابقة لإقناع الاخر. وهل كانت ثقافة العمل التقليدية قائمة إلا على التشابهات القاتلة للإبداع وغير المجدية؟

بحسب الأبحاث القائمة في مجال الموارد البشرية فإن تنافر الافكار وتباينها بين مجموعة من الأفراد يؤدي إلى تحسين جودة الافكار وتطويرها وهو ما يزيد الثقة بين أعضاء الفرق. لذلك فإن الفكر التقليد القائم على تدميرية الصراع لم يعد ينطبق أبدا إذ أن الصراع إن بُني على قواعد صحيحة يكون بنّاء لا تخريبيا . فهذا التباين يفعّل مهارات التحليل النقدي التي نمتلكها ويكون ذلك عبر طرح الأسئلة الذاتية للبحث في جودة أفكارنا وتطويرها.

والآن وبرأيكم، هل الصراع الفكري داخل العمل يهيئ الأرضية لنتائج أفضل أم أنه حجر عثرة أمام تقدم الشركات؟ وكيف يمكننا تعزيز عمل الصراع البنّاء داخل فرق العمل؟