ثقافة التخلي عن المنصب عند مواجهة كارثة تصرف احترافي أم لا ولماذا؟

برأيى ان التخلي عن المنصب جراء مشكلة او تعطل بعض الوظائف او حتي كلها مؤقتا، هو تهرب من المسؤلية، فنشوب حريق في أي شركة او مؤسسة او حتي منزل وارد جدا حدوثه، وليس بالضرورة حدوث هكذا حريق دليل تقصير من المسؤولين، ولا اعتقد ان الرئيس المذكور في المثال الذي طرحتيه قد استقال فقط بسبب ما حدث أعتقد أن للأمر جوانب خفية غير معلونة.

وعموما محاولة اصلاح الخطأ أفضل من تركه والتخلي عنه.

لا بأس بالاستقالة ان كان الضرر على الشخص سيكون اكبر من اللازم والله اعلم. لا يوجد وظيفة في العالم ليس فيها تحديات, الشخص المناسب سيحاول جاهدا ادارة قضايا منصبه بالاعتماد على مهاراته ومهارات كوادره. أعرف جيدا مقدار التوتر والطاقة المستنزفة في هثل هذه الحالات - عافانا الله من شرها - لكن الخروج منها منتصرا له طعم آخر!

بشكل عام، أجد أن التخلّي عن المنصب من الممكن أن يكون احترافيًا بطريقة، وغير احترافيٍّ بطريقةٍ أخرى. أمّا اعتبار الفعل برمّته تهرّبًا من المسؤولية، فأنا لا أرى أي عقلانية في ذلك على الإطلاق، بل أجده تحاملًا على الأفراد، في حين أن الشركات دائمًا ما تجد مبرّراتها في التخلّي عن الفرد، لذلك لا يمكننا أن نتعامل مع السلوك بكريقة مختلفة عندما يتخلّى الفرد عن الشركة. المسألة مهنية ويجب أن تكون خالية من هذه النوعية من العواطف.

أمّا على صعيد الاحترافية من عدمها، فإنني أجد أن السياق العام هو الذي يجعل من التنازل عن المنصب احترافيًا أو لا. فإذا صاحب التنازل عن المنصب تنصّلًا من مسؤولية الأزمة التي وقعت مثلًا، فإن هذا التنصّل يجب أن يتم بشكل عقلاني، وأن يثدّم صاحبه الأسباب العقلانية وأن يعلن عنها، وأن يشير إلى المسؤول عن انهيار المؤسسة وعن سبب عدم رغبته في التعاون معه بعد الآن. هذا الأمر يؤثّر على المستقبل المهني للشخص في الفرص القادمة. أمّا إذا كان التنازل عن المنصب سببه فشل صاحبه في إدارة الأزمة، فعليه أيضًا أن يعلن مسؤوليته عن الواقعة فور التنازل. هذا هو السياق الاحترافي، فأيًّا كان السبب، يجب أن يكون صريحًا، ومعلنًا، ومقنعًا.

يحدث ذلك فى الشركات الأوروبية والأمريكية وقد لا يكون سببه أى تقصير من قبل المدير ولكن مجرد خوفه من إلقاء اللوم عليه بعد وقوع المشكلة أو الحادث وشعوره بالندم على ما حدث أثناء فترة إدارته وحبه للشركة والعمل فهذا المزيج يدفعه فى إلى التخلى الفورى عن منصبه .

وبالعودة للثقافة العربية فإن التخلى عن المنصب تهرب وتثبيت للخلل خصوصاً أنه سيتم البحث عن أى شخص يتحمل مسئولية الخلل وليس البحث عن سبب الخلل كما يحدث فى الشركات الغربية .

عندها لا يترك المدير الشركة بأى سبب من الأسباب خلال هذه الأزمة .

إذا فالأمر قائم على الثقافات وما تمت برمجتنا عليه كل ذلك يحكم تصرفات الشعوب تجاه الأزمات .

بالنسبة لي أري ترك الوظيفة في حالة أزمة ما ليس إلا تخلي عن المسئولية لأنك بكل بساطة من وضعت المؤسسة في هذه الأزمة فبدلاً من حلها والبحث عن سبب ما حدث تترك الوظيفة هكذا ، كما أن الأزمات التي تمر بها أي مؤسسة أمر طبيعي ومن المنطقي أن وجودك هنا لتقوم بحل أي أزمة تمر بها الشركة أو المؤسسة وليس دورك هو ترك منصبك مجرد أن تتعرض مؤسستك لأزمة ما.

لن أقول لك أنه تصرف خاطئ لأنه تصرف نبيل جدًا في اعترافه بخطأه والتحلي بالمسؤولية، لكن هل استقالته جاءت بالحل؟ برأيي كان أفضل أن يعمل على حل المشكلة في البداية والتأكد أنه كل شيء جاهز ليستلمه شخص آخر ثم الاستقالة.

قد يكون حل عندما لا يكون هناك ما يقدمه صاحب المنصب للعمل أو أنه يزيد الوضع سوء ومن سيحل محله يستطيع القيام بالعمل على أكمل وجه وحل المشكلة. وأن هدفه من الاستقالة هو تحمل المسؤولية وافساح المجال لمن هم أفضل بحل المشكلة.

بالنسبة لشركة ميتا، فهي مؤخرًا أصبح فيها الكثير من الأخطاء والتعطيلات ولا يتم اصلاحهم بشكل كامل حتى، فهو طبيعي بالنسبة لهم عدم اتخاذ أي إجراء أو تحمل أي مسؤولية.