فرنسا فعلتها ذات مرّة منذ حوالي نصف قرن، عندما قدم لديغول، رئيس مجلس وزرائه، تقريرًا يشرح فيه سبب تقدم ألمانيا على فرنسا التي كانت آنذاك تسير ببطء، حيث تضمن التقرير جملاً بسيطة أهمها على الإطلاق أن الإدارة الفرنسية ثقيلة: وكانت الإدارة الرشيقة التي تفتقدها فرنسا دافعًا لإحداث المعهد العالي للتنمية الإدارية فيها.

كما فعلتها أمريكا عندما سبقهم العدو اللدود الاتحاد السوفييتي آنذاك في الوصول إلى سطح القمر في «برنامج سبتنك»، وحمل التعليم وإدارته مسؤولية ذلك التخلف، واستحدث إدارة تعليمية رشيقة أوصلت الأمريكان في النهاية للفضاء.

المقصود بـ (الإدارة الثقيلة)، الإدارة المترهلة التي وصلت جذورها البيروقراطية السلبية وانتشرت في مفاصلها حتى أصبحت جزءً من خصوصيتها وشخصيتها وقيمها وتقاليدها، ولم تعد تملك القدرة على محاربتها أو التخلص منها، فهي الإدارة المنغلقة على نفسها المتمسكة بأساليب وطرق ووسائل تقليدية لم يعد لها في عالم التقنية والمعلومات والعولمة مكان، وقيادتها بطيئة التجاوب مع التحديات والفرص.

 أما (الإدارة الرشيقة) فهي قدرة المؤسسة على الأداء الإداري الذي يتميز بسرعة الاستجابة وسرعة تعديل أسلوب العمل بصورة تتناسب مع متطلبات التغيير، وهي الممارسة التي تركز على القيم والانسياب والاستقطاب والكمال وعمل الفريق وفوائده الجمة، والتي يمكن تلخيصها في الحماس الجماعي وحسن استخدام الحقائق والبيانات وسرعة التجاوب مع التحديات والفرص، بهدف تحقيق أفضل أداء وأفضل مخرجات للعملاء مع التخلص الكلي ما أمكن من كل نشاط أو جزئية لا تمثل قيمة مضافة للعمل أو العميل.

فأهم مرتكز للإدارة الرشيقة: الرشاقة والسرعة في عملية التفكير والسهولة والبساطة في وضع الحلول التي تلامس الواقع وتحسن الأداء وتطوره لدرجة الكمال.

ولتبيان الفرق ما بين المدرستين الادارتيين، هناك من يلتزم بمواعيد الحضور والانصراف التقليدي اليومي من العمل (إدارة ثقيلة) تكلف المؤسسة مصاريف تشغيلية، في حين أن (الإدارة الرشيقة) قد تمنح الموظف المرونة الكافية للعمل بساعات محددة من منزله في سبيل تحقق الواجبات والمهام (الإدارة بالأهداف) مع كسبها لميزة تقليل التكاليف التشغيلية الملقاة على كاهل المؤسسة

في عملك هل تعايش إدارة ثقيلة أم رشيقة؟ ووفق تجاربكم ما هي المعوقات التي تعيق تطبيق الإدارة الرشيقة في مؤسساتنا العربية؟