أصبحت تكنولوجيا المعلومات في عالمنا اليوم محور أساسي من محاور التطور، فلقد تغلغلت التكنولوجيا في حياتنا بشكل كبير، وبات العالم يحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى، ولا يمكن تخيل الحياة بدونها، فكيف نستطيع أن نحيا بلا وسائل اتصال، كيف لنا أن نعيش بدون استخدام الهاتف الخلوي والتلفاز والإنترنت.

توغلت التكنولوجيا الحديثة في كل مجالات الحياة الشخصية والعملية، والآن نجد أن الروبوتات والبرامج الحديثة تحل محل البشر في العديد من الوظائف، وبتنا في عالم نستبدل فيه الإنسان بالآلة، وهذا الاستبدال لم يأتي من فراغ، وإنما نتيجة النتائج الهائلة التي حققتها التكنولوجيا لتثبت فيها تفوقها علي البشر في العديد من الوظائف.

ونلاحظ الآن أن البرامج الحديثة تحل محل كثير من الوظائف، كوظائف المحاسبة، وغيرها من الوظائف الإنتاجية في القطاعات الصناعية المختلفة.

لكن يدور في ذهني بشكل دائم ومستمر، أنه طالما أن الروبوت قد استطاع أن يحل محل كل هذه الوظائف، فهل يمكن أن يحل الروبوت يوماً محل المدير، أبحرت كثيراً بين كتبي وفي محاضراتي، تارة بالقراءة وتارة أخرى بالنقاش، مرة بالتخيل ومرة أخرى بالمنطق، توصلت إلى أن الذكاء الاصطناعي قد تدخل بقوة أيضاً في العمليات الإدارية عن طريق العديد من النظم التكنولوجية الحديثة والتي من أهمها:

  1. النظم الخبيرة: وتشبه النظم الخبيرة العقل البشري وتحاكيه، فتقوم هذه النظم بتخزين المعلومات وتحليلها والربط بينها والتوصية باتخاذ قرار معين عن طريق مقارنة الوضع الحالي الذي يقوم بتحليله بأوضاع وظروف سابقة مشابهة.
  2. الشبكات العصبونية: وتقوم فكرة هذه الشبكات على الربط بين المعلومات وبعضها البعض لاحداث التشابك بين المعلومات المتشابهة، وتكون آلية عمل هذه الشبكات البحث عن المواقف والظروف والمعلومات المتشابهة ليقوم بالتوصية باتخاذ قرار معين.
  3. نظم الخوارزميات الجينية: بالرغم من أن هذه النظم تتم بشكل إلكتروني عن طريق برامج الذكاء الاصطناعي إلا أنها تشبه كثيراً طريقة عمل الجينات الوراثية، فكما تتصارع الجينات الوراثية، وينحي فيها الجين القوي الجين الضعيف، تقوم أيضاً نظم الخوارزميات الجينية بعمل مشابه حيث تتفوق القرارات القريبة للواقعية علي القرارات العشوائية الخاطئة التي يرشحها النظام.

كانت هذه أهم النظم المستخدمة في العمليات الإدارية، ويتبقى لنا الإجابة على السؤال المهم، وهو هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المدير؟

دعونا نتفق أن الإدارة نشاط إنساني واجتماعي هادف، فلا يمكن ممارسة العملية الإدارية بدون تدخل الإنسان، صحيح أن تطبيقات ونظم الذكاء الاصطناعي تقدم مساعدة قوية وعملاقة، إلا أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعداً ومسانداً فقط للمدير، ولا يستطيع أن يحل محله، إذ أن التقارير التي يتم تقديمها بواسطة هذه التطبيقات الحديثة إلا أنها وفي أحيان كثيرة قد تكون بعيدة كل البعد عن الواقعية وتحتاج إلى مراجعة إنسانية حقيقية.

خلاصة القول إذاً أن الذكاء الاصطناعي يمكننا أن نعتمد عليه في تقديم التقارير التي تساعد المدير في اتخاذ القرارات بعد مراجعتها مراجعة بشرية، ونحن بذلك نسهل عمل المدير، فبدلاً من أن يقوم بإعداد تقريراً من الألف إلى الياء، يكفي فقط أن يقوم أحد الموظفين بإدخال المعلومات لتلك النظم الخبيرة، وبعد أن يصدر النظام الذكي تقريره سيكون دور المدير فقط مقتصر على عملية المراجعة للتأكد من منطقية ما تم تقديمه، لكن أن يتم استبدال المدير بروبوت فهذه فكرة ليست واقعية بناءً على المعطيات الحالية، ولا تزال الليالي حبلى ومع كل يوم ستلد لنا جديداً.

برأيكم، هل يمكن للروبوتات أن تحل محل المديرين؟

وهل ستكونون سعداء إذا وجدتم يوماً أن الروبوتات قد أصبحوا مديرون عليكم 😀؟