قبل عام 1998 كان لا بد لك من الحصول على دعوة خاصة لحضور عروض الأزياء من أجل رؤية آخر صيحات الموضة، وإلاّ فإنك قد تنتظر بين خمسة وستة أشهر حتى تتمكن من أخذ نظرة على مستجدات عالم الموضة وربما اقتناء أحد القطع المستوحاة منها من أحد المتاجر المتواضعة. لكن لحسن الحظ فقد ظهر أرماندو أورتيغا بمفهوم الموضة السريعة وغير عادات التسوق كليا، لنعيشها اليوم بهذا الشكل. قد تتساءلون من هو أورتيغا؟ وما الذي قدمه لعالم الموضة؟
أرماندو أورتيغا هو رجل أعمال اسباني والمؤسس لشركة الملابس الشهيرة Zara. بسبب فقر عائلته ترك دراسته مبكرا واتجه للعمل، البداية كانت بمهنة توصيل الثياب الغالية للعائلات الغنية، ثم مساعد خياط، وبعدها مديرا لأحد متاجر الملابس الكبيرة في لاكورونا. خلال هذه الفترة لاحظ أرمانو وجود طبقية في عالم الموضة، ومن هنا جاءته فكرة إنشاء مشروعه الخاص من أجل دمقرطة مجال الموضة.
منذ البداية كان هدف أورتيغا واضحا، وهو توفير منتجات عصرية بأسعار معقولة للجميع، وقد عمل على تحقيقه من خلال تنفيذ إستراتيجية تقوم على ثلاث مبادئ أساسية هي: جودة العناصر، الأسعار المعقولة، وقت استجابة قصير جدا.
لم ينتظر اورتيغا كثيرا لإطلاق مشروعه الخاص، وبميزانية 30 دولار فقط قام بصناعة أولى مجموعاته في البيت، ثم قام بتوزيعها على المتاجر الكبرى بنفسه، وبالمداخيل المحصلة قام بتأسيس أولى شركاته سنة 1963.
حققت ملابس اورتيغا إقبالا كبيرا ما شجعه على إطلاق علامته التجارية الخاصة ZARA سنة 1975، ثم تواصلت اعماله في التوسع، فأنشأ مجموعة Inditex سنة 1985 رفقة زوجته، وتضم هذه المجموعة اليوم عددا من العلامات التجارية الشهيرة من بينها سترديفاريوس، ماسيمو ديوتي، وتملك 1222 متجر حول 88 دولة في العالم.
خلال ال58 سنة التي تحولت فيها Zara من متجر صغير في لاكورونا إلى امبراطورية عالمية للأزياء لم تحد أبدا عن مبدئها في توفير ملابس مواكبة للموضة بأسعار معقولة، ولتحقيق ذلك تبنت سياسة مرنة تسمح بإدماج الأساليب الحديثة ووضعت المستهليكن دائما في مركز اهتمامها.
لكن الشيء الغريب بخصوص Zara هو تبنيها لفلسفة " لا للتسويق"، حيث أنّها لا تنشر إعلاناتها في كل مكان مثلما تفعل بقية العلامات التجارية، وتصرف أقل بكثير من بقية منافسيها على هذا الجانب، حيث يقدر صرفها ب 0.3% فقط من ميزانيتها العامة، وفي المقابل يصرف منافسوها 3.6% من ميزانياتهم على التسويق. أرماندو أورتيغا نفسه لا يسوق لاسمه في الإعلام مثلما يفعل بقية رجال الأعمال، كم من مرة صادفت اسمه في الإعلام؟هل تملك فكرة بأنه أحد أغنى 10 رجال في العالم؟ لا أعقد أن الكثير يفعل. والسبب هو أنّه يعتمد سياسة عدم الظهور باستمرار في وجه الجميع و يؤمن بأنّ تقديم منتجات جيدة للمستهلكين كفيل بالتعبير عن قيم الشركة ومبادئها وكافي لبناء صورة ايجابية عن الشركة في أذهان المستهلكين. وقد نجح الأمر معهم.
ما رأيكم في سياسة التسويق التي تعتمدها زارا؟ وما السبب في نجاحها معهم؟
التعليقات