ويبقى الإنسان مغروراً

كلمة يرددها كل إنسان مفتون بإنجازاته: “لقد صنعنا الحاسوب.” حتى انه قالها جاك ما الملياردير الصيني في لقاء مع إيلون ماسك ولك ان تتخيل لقاء بين من يملك الان الكثير من التقنية مثل ماسك لينتهي الأمر بجاك ما اصلاً أن يؤسس شركات ذكاء إصطناعي فهذه العبارة تبدو لأول وهلة تعبيرًا عن التقدّم والابتكار، لكنها في جوهرها تحمل بذور الزهو والغرور. كأن الإنسان يقول للحاسوب: “أنت من صنعي، من بين يديّ خرجت.” لكن، هل حقًا صنعه؟

يدخل الإنسان في مجال الفخر والتعاظم بشيء لم يصنعه، بل نقله من كتاب الطبيعة المشهود، واستلهمه من تفسيره لآيات الكون الباطنة فظهر جزء منها تسارعت حياته وظهرت الجواهر والبيانات اكتشف، ولم يخترع. استخرج، ولم يخلق. ومع ذلك، يتفاخر ويتعالى، وينسى أن ما يفتخر به هو في الحقيقة شاهد على جهله وضآلته أمام عظمة هذا الكون الذي خلقه الله فكيف بالله سبحانه وتعالى.

ويبقى الإنسان مغروراً، رغم أن كل ما لديه هو منحة، وكل ما في عقله هو أمانة، وما يعيشه من واقع لم يرسمه وحده، وإن ادّعى عكس ذلك. فما العلم إلا تراكم، وما الفهم إلا اقتباس من نور لم يُشعل فتيله بنفسه.

الإنسان محفّز العوامل، لا صانعها. هو مجرد عنصر في معادلة كبيرة لا يقوى على قراءة رقمها لربما الحاسوب يقدر وهو لا!. يتفاعل مع ما وُضع أمامه، فيظن أنه من أوجد التفاعل. يحفّز المادة فتستجيب، فيتوهم أنه اعظم منها "لقد صنعنا الحاسوب". والكون من حوله مذلل له، نعم، لكنه ليس ملكًا له. لقد سُخرت له وبسطت بعض الامور فظن أنه خالداً فيها وعين ما يفعله أن آمن هكذا هو حله لإلغاز أجاباتها لغيره!، أن الأرض مذللة للأنسان اختبارًا لا استحقاقًا، تمكينًا لا تمليكا ليعمرها وينشر الخير ويحقق العدالة أصالة.

ولكن الإنسان… ينسى. ينسى أنه عابر سبيل في دار لم يشيّد جدرانها، ولم يمدّ أرضها، ولن يُخلّد فوقها. يغترّ بما في يديه، ويغفل عن أن الساعة قادمة، وأن الرحيل محتوم.

سيغادر الإنسان هذه الدار، مهما عظّم نفسه وادّعى البقاء. سيترك ما ظن أنه صنعه، وسيفنى قبل أن تفنى نواميس الطبيعة التي طالما تلاعب بها وكثيراً ما أفسد حتى بين عين جنسه بل بين نفسه ونفسه. سيبقى الحاسوب، وتبقى الأرض، وربما يبقى بعض من علمه، لكن الإنسان نفسه… سيرحل وبعدها كل شيء يرحل لكن منطقياً الأنسان أول الراحلين ومحفز العوامل لبني البشر هو ينكش الخلية فتنتج الخلايا ويظن انه من "صنع" الخلية وهو فقط (محفز) له دور كبير نعم لكنه لم يرسم كل شيء ولم يستند على كل شيء لقد أطعمنا أهلونا وحمتنا مظلات من المطر و وتداوينا بدواء كيميائي فعلام الفخر والزهو ايها الصانع الصغير؟