غالبًا ما يُقال إن الصعوبات التي تواجه الطالب هي جزء من تطوره العلمي والفكري، وأنها تحديات ترفع من مستواه وتزيد من قدراته. لكن هل هذا صحيح دائمًا؟ هل الصعوبة في الاختبارات والمناهج التعليمية تعني بالضرورة أننا نتطور؟
- الصعوبة بين التطور والتخلّف
في العلم والتعليم، الصعوبة ليست بالضرورة دليل تطور. أحيانًا تكون الصعوبة نتيجة تخلّف في طرق التدريس أو نقص في تجهيزات التعليم. في الجزائر، المناهج الدراسية غالبًا ما تحتوي على أفكار ومعلومات كثيرة وجديدة يُفترض أن تواكب العصر، لكن بدون تدرّج أو مراعاة لاستيعاب الطلاب، وهذا يجعلها تبدو معقدة جدًا.
بينما في دول أخرى مثل السعودية أو المغرب أو أوروبا، المناهج أكثر تنظيمًا، وتراعي الفروق الفردية ومستوى الطالب، مما يتيح لهم فهمًا أعمق وأفضل للمواد، وبالتالي شهاداتهم تكون معترف بها على نطاق أوسع.
- هل المشكلة في الطالب أم في طريقة التعليم؟
العديد من الأساتذة في الجزائر يرون الحلول ويشرحون الدروس بأسلوب مباشر، حيث هم يعرفون المادة جيدًا ولا يشرحونها بطريقة تناسب مستوى الطالب الذي لم يستوعب بعد. هذا يجعل الطالب يشعر بأنه أقل قدرة، رغم أن المشكلة ليست في الذكاء أو القدرات، بل في الاستيعاب وطريقة التدريس.
النظام التعليمي غالبًا ما يركز على الحفظ والنتائج، ولا يعطي الطالب الوقت الكافي لفهم المفاهيم الجديدة، مما يؤدي إلى شعور دائم بالصعوبة وعدم الرضا.
- الطالب متعلم وليس عالِمًا
نحن ندرس علمًا في مدارس تعليمية، ولسنا علماء لنكتشف أفكارًا جديدة كما نراها في الأخبار. الأستاذ يدرس لنا العلم الذي تعلمه مسبقًا، ويعلّمنا الحلول التي يعرفها. لكن عندما نواجه أسئلة في الامتحانات لم ندرسها، فهذا ظلم واضح، لأن التقييم يجب أن يكون على ما تم تعليمه، لا على ما لم يُشرح لنا.
- مثال من الاختبارات الاستدراكية
كمثال بسيط على زيادة الصعوبات، قد يواجه الطالب في الامتحانات الاستدراكية أسئلة أكثر تعقيدًا من الامتحان الأصلي، رغم أن الهدف من هذه الاختبارات هو إعطاء فرصة للتعويض. هذا المثال يوضح كيف أن بعض الإجراءات التعليمية قد تزيد العبء على الطالب بدلاً من تخفيفه.
- المناهج الصعبة والشهادة الأضعف
المناهج في الجزائر صعبة ومثقلة بالكثير من المواد المعقدة، ولكن رغم ذلك، الشهادة الجزائرية لا تحظى بالاعتراف الدولي أو القيمة التي يستحقها الطالب الذي يكافح. بالمقارنة مع دول مثل السعودية أو المغرب أو جامعات أوروبا، نرى أن هذه الدول تعتمد مناهج أكثر تنظيمًا وتركيزًا على الجودة والفهم، وليس الكم فقط.
- هل الصعوبة دائمة في التعليم؟
الصعوبة جزء من عملية التعلم والتطور، لكنها لا يجب أن تكون عبئًا أو عائقًا. في نظام تعليم متطور، الصعوبات تكون مدروسة وتقدم كخطوات تساعد الطالب على التعلم، لا كمجرد اختبار لقدرته على التحمل. أما في الأنظمة التي تعاني من خلل في المناهج أو طريقة التدريس، فتصبح الصعوبة مجرد علامة على وجود مشاكل تحتاج إلى إصلاح، وليس دليلاً على التقدم.
- الخلاصة
الصعوبة في التعليم ليست دائمًا علامة على التطور، بل قد تكون نتيجة لطرق تدريس غير مناسبة، مناهج غير مدروسة، أو نقص الدعم للطالب.
الاختبارات الاستدراكية يمكن أن تكون مثالًا على زيادة العبء بدلًا من فرصة حقيقية للتدارك.
الطالب متعلم يحتاج إلى شرح تدريجي ومنصف، وليس مجرد اختبار على ما لم يتلقّه.
إعادة تصميم المناهج وتطوير طرق التدريس ضروريان لتقديم تعليم يناسب قدرات الطلاب ويعزز فرص نجاحهم وشهاداتهم.
التعليم يجب أن يراعي الفروق الفردية ويمنح الطالب الوقت والفرصة لفهم المواد، بدلاً من فرض صعوبات تفوق قدراته أو ظروفه.
إن إصلاح هذه الجوانب سيجعل من التعليم في الجزائر تجربة محفزة تحقق التطور الحقيقي، وتمنح الطالب فرصة النجاح التي يستحقها.
التعليقات