كمية كبيرة من المعلومات والحشو الزائد من معارف العلوم يتلقاها الطلاب في صفوف المدرسة ومستويات الجامعة ولم توفي بالغرض في واقعنا العملي ، نظريات وإثباتات قديمة تجاوزها العصر ، ولم تعد من العلوم الحديثة ، ماذا يستفاد من علوم الجبر والتكامل والتفاضل والهندسة الفضائية والوصفية في الحياة العملية؟

مجرد إستهلاك مفرط لساعات طويلة من التفكير، بل أسلوب خاطئ لتعلم نوع من القلق الفكري دون تحصيل أدنى فائدة معرفية من ذلك.

الأساسيات هي ذات الأولوية لِفهم العلوم أو الإختصاص، ولا تتم من خلال معارف قديمة عفى عنها الزمن ، بل تحديث الفكرة وتطويرها كعلوم بما يتوافق ويتماشى مع عصر العلم الحديث وتكنولوجيا العصر ، تأخرنا كثيرًا ونحن نكرس جهودنا نحو مزيد من الأمية الفكرية، مناهجنا العربية في المدارس والجامعات اصبحت لا تُلبي أدنى معايير التعليم الجيد ،لا صلة تذكر بالواقع العملي، ولا هناك ربط بين المعارف النظرية بالجانب التطبيقي ، لا زلنا نعمل بأساليب تعليمية قديمة جعلتنا نتخلف كثيرًا عن العالم المتقدم.

ما يُعانيه اليوم الجيل في مناهج التعليم هو جمود الفكرة وعدم نموها نتيجة ما اصاب المنهج من عجز في التحديث ومواكبة جديد العلم كماهو حاصل في اغلب دول العالم.

على سبيل المثال في الطب وفي الهندسة لا صلة المنهج بالمهنة عمليًا ،رغم أن الجانب الاكاديمي النظري البحت هو أساس تشكيل الوعي المعرفي لدى الطالب بعد تخرجه، أو ما نسميه فلسفة التخصص التي تأتي من الدراسة النظرية والتطبيقية للمجال، ويتم إستحضارها في الواقع العملي بعد إكتسابها طيلت مراحل سنوات الدراسة، لكن يتفاجئ الخريج حين يجد ما تعلمه بعيدًا جدًا عن واقع عمله المهني ، كون الواقع العملي هو أكثر من يتابع التطورات والتحديثات المستمرة لجديد المهنة، في التخصصات العلمية تصبح المواد والأدوات هي من تحدد قيمة العمل ومدى مستوى التقدم، من المنطق أن يكون كذلك؛ لآن المهن مربوطة إرتباط وثيق بالمواد المتاحة بالواقع العملي، عكس الدراسات النظرية التي تنقل معارف المهنة بشكل ناقص ولا يكفي للغرض.

إعادة النظر في تطوير التعليم العام بشكل خاص والتعليم الاكاديمي بشكل عام من الضروريات، إستمرار واقع التعليم كماهو عليه منذُ القرن الماضِ كارثة تعزز من توسع الأمية الفكرية داخل الوسط المجتمعي، وتُباطئ من تسريع عجلة التنمية للدول بالذات الدول الغير صناعية، من المستحيل أن يظل الطالب يتعلم مراحل تطور الذرة أو قوانين الفيزياء على مدى قرن من الزمن دون أن يعرف أخر جديد ما توصل إليه العلم في هذا الجانب، أرى ذلك تكرار منسوخ لفكرة تكريس مزيد من الغباء المُجتمعي في تصور وفهم العلوم.

يخدعك من يلقنك فلسفات تخصصية قديمة تكتشف كارثتها في الواقع العملي بعد فوات الأوان، مُدركًا حجم التأخير في متابعة الحدث، وما خلفته من خسائر في المعرفة والفهم.

الغباء أن يُكابر المرء في تعليم نفسه عبر وسائط منهجية قديمة كماهو الواقع في التعليم العام والجامعي، ثم يأتي مبررًا بكذبة الفلسفة المعرفية متصور بأنها سلاحه بعد التخرج لتميزه عن غيره ، متجاهل حجم المنافسة العملية بالسوق وأن معيار التوظيف اليوم اصبح قائم على الخبرات والمهارات والمواهب، وليس على المعدل التراكمي، والدورات التدريبية.

لا تعليم جيد مالم يتوافق مع أحداث وتحديثات العلم بتخصصاته، الوقوف على جمود الأفكار لايعطي مؤشر لمواكبة التطور الحاصل بجوانبه المتعددة، بل يعزز من الجهل والتخلف.