جميعنا نعلم بالمثل الشهير "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر ". والتي بالمناسبة تؤيده بعض النظريات حيث ترى أن الإنسان في أي مرحلة عمرية في حياته يستطيع تعلم أي شيء طالما تم استخدام طريقة مناسبة لعمره، ولكن طبقًا لنظريات أخرى فإن العمر عامل هام في عملية التعلم حيث لكل مرحلة عمرية خصائص نمو مختلفة على كافة المستويات سواء كانت الجسدية أو العقلية، وعلى هذا الأساس يكون بدء تعلم بعض الأشياء في مراحل عمرية معينة هام لاحترافه، وكلما ابتعدنا عن هذه المرحلة تقل فرصة النجاح أو التميز فيه، ونرى مثال شهير على هذا في رياضات شهيرة كالجمباز. فأي وجهة نظر من بينهما تؤيدون؟
التعليم في الصغر كالنقش على الحجر. حقيقة أم خرافة؟
في الواقع، تتداخل وجهتا النظر فيما يتعلق بأهمية التعليم في الصغر ودور العمر في عملية التعلم. فمن ناحية، تؤكد النظريات التي ترى أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر على أن المراحل الأولى من الحياة حاسمة لتشكيل المهارات والسلوكيات الأساسية، حيث يكون الدماغ أكثر استعدادًا لاستيعاب المعلومات والتعلمات. ومن ناحية أخرى كما ذكرتي بالضبط، تشير بعض النظريات أن كل مرحلة عمرية لها خصائص نموية فريدة تؤثر على كيفية وفعالية التعلم، مما يعني أن هناك أوقاتًا أمثل لتعلم مهارات معينة تزيد من فرص النجاح والاحترافية فيها. على سبيل المثال، في رياضة الجمباز، يُعتبر بدء التدريب في سن مبكرة ميزة كبيرة بسبب تطور المرونة والتنسيق الحركي في تلك المرحلة. لذا، يمكن القول إن كلا الوجهتين مؤيدتين بشكل جزئي، حيث تبرز أهمية التعليم المبكر وفي الوقت نفسه تؤكد على أهمية مواءمة التعلم مع خصائص كل مرحلة عمريةوهذا ينطبق بشكل كبير أيضاً على ما نتعلمه فمثلاً يصعب تعليم الرياضيات أو الجمباز لسيدة في السبعين من عمرها لأن جسدها سيكون منهك وعقلها قد تؤثر الشيخوخة عليه ، لكن يمكن مثلاً تعليمها بالمقابل الكتابة الإبداعية .
لكن يمكن مثلاً تعليمها بالمقابل الكتابة الإبداعية .
أعتقد أن هذا مرتبط بوجود مهارات سابقة لديها تساعدها على فهم وتعلم أساسيات الكتابة الإبداعية، أي لديها أساس تبني عليه، ولكي تخيل أنها حتى لا تكتب لغويا بشكل صحيح ولغتها ضعيفة من حيث المرادفات والتعبيرات والقواعد، أيمكن لها أن تستوعب كل هذا حتى تصل لمرحلة الاحتراف في مجال كالكتابة الإبداعية؟ صعب جدا لأن هذه المرحلة تواجه فيها كثير من المشكلات منها النسيان وضعف الذاكرة، صعوبة الفهم والاستيعاب، عدم الاعتياد على الأساليب التعليمية الحديثة، الشعور بالتعب السريع والارهاق نتيجة لضعف الصحة العامة وغيرها من الكثير من المعوقات، ولهذا الأقرب من وجهة نظري أن لكل مرحلة ما يمكن تعلمه وليس أن كل إنسان يستطيع تعلم أي شيء في أي وقت، وإن تعلم شيء من الأساسيات سيكون من الصعب أن يصل لدرجة من التميز ينافس فيها أقرنائه ممن سبقوه بمراحل.
بالتأكيد سيكون لديها مهارات أخرى يمكن لها تعلمها وإن لم يكن فلا بأس يمكن أن تستمتع بوقتها في القراءة أو سماع ما تفضله من موسيقى أو أغاني (إن كان حجم المعاناة لديه في التذكر يشكل كل تلك الصعوبة) وفي العموم ليست كل المسنين يعانون بالضرورة من خرف الشيخوخة ، لقد لي جد (رحمه الله) كان يمتلك ذاكرة قوية ويعالج الكثير من المعادلات الرياضية الصعبة دون ألة حاسبة .
بعض الدراسات تقول تعلم الأطفال اللغة، يكون أفضل في الصغر وألاحظ هذا. فأعتقد من المهم استغلال الفترة هذه وتعليمهم أدوات تساعدهم عندما يكبرون. ولكن لا أخذ هذا المثل من ناحية كان من اللازم تعلمه عندما كنت أصغر. أظن بأن جميع مراحل العمر نستطيع أن تعلم فيها، ربمًا كما قلتِ بأساليب مختلفة. فأنا مع القدرة على التعلم حاضرة أبدًا وفي كل يوم من أعمارنا. ولكن لدي فضول لما هذا المثل منتشر جدًا؟
أظن بأن جميع مراحل العمر نستطيع أن تعلم فيها، ربمًا كما قلتِ بأساليب مختلفة.
الفكرة ليست في القرار وإنما الإمكانيات الفعلية، جميعنا يمكنه البدء في تعلم سيء ما ولكن هل جميعنا سنصل لنفس النتيجة المرجوة؟ لا، لأن امكاناتنا التي تحدد ذلك، والعمر يلعب دور في تحديد هذه الإمكانات لأن كل عمر له خواص جسدية ونفسية وعقلية مؤثرة في عملية التعلم، كمثال المساهمة رياضة كرياضة الجمباز تحتاج لقوة ومرونة يساعد نمو الجسم في مرحلة الطفولة على اكتسابها بسهولة، ولكن شاب أو شابة في العشرينات هل سيصل لنفس النتيجة؟ ماذا عن شخص في الخمسينات لا تساعده صحته على صعود السلم حتى؟ نقيس على ذلك أمثلة كثيرة، حتى مثال اللغة فالطفل أكثر قدرة على اتقان اللغات من الأكبر منه، لأنه في الأساس ينشأ بدون لغة ويبدأ في اكتسابها من البيئة المحيطة به، أما الكبار فقد اعتادوا على لغة بعينها لعشرات السنين، فتمرين عقلهم وعضلات لسانهم على نطق أحرف مختلفة والتحدث بسرعة مختلفة مع قواعد مختلفة عن لغتهم الأم صعبة جدا عليهم.
ولكن لدي فضول لما هذا المثل منتشر جدًا؟
أعتقد لأنه كان يوصف التعليم بشكل عام كتعليم الأساسيات كالقراءة والكتابة والعلوم الأساسية ويقارن بين المتعلمين والجهلاء، فمن كبر جاهلا سيكون من الصعب عليه أن يتقن فهم وتطبيق علوم بدء في دراستها غيره وهو طفل في الخامسة، مثال آخر يصف هذه الحالة وهم كبار السن الذين يحاولون استخدام التكنولوجيا ويفشلون في فعل أبسط الأشياء التي قد ينجزها طفل في الخامسة نيابة عنهم.
تعليم الطفل أمور فكرية صعبة برأيي أسوأ شيء يمكن أن نقوم به، وقد يؤدي إلى إرباك الطفل أو إحباطه لأن عقله لا يزال في النمو وغير مستعد لفهم المفاهيم المعقدة.
هذا ما لا نفهمه للصراحة ولذلك نتخمه فكرياً بالصف الأول بشكل مستغرب، على أنه يجب مراعاة المرحلة العمرية والقدرات العقلية للطفل عند تقديم أي معلومات، يعني هو ذكي ولكن بمرحلة نموه لا نموّي أنا.
تعريض الطفل لمواضيع تتجاوز إدراكه يمكن أن يخلق شعور بالعجز أو فقدان الثقة بالنفس، أقول ذلك عن تجربة جزئية لي كطفل، عملوا أهلي على تعليمي الرياضيات بشكل غريب بإصرارهم والنتيجة كانت كذلك.
من الضروري مراعاة مناسبة أسلوب ووسلية التعليم مع عمر الإنسان بما يناسب خصائصه النماءية في تلك المرحلة، هذه قواعد أساسية في علوم التربية، ولهذا تجد أن بعض الدروس أو حتى الأفكار يتكرر دراستها في سنوات دراسية مختلفة ولكل كل مرة يختلف الأسلوب والطريقة وتزداد المعلومات أو تطرح من زوايا أخرى بما يناسب نمو المتعلم، وعلى هذا الأساس يمكن للطفل أن يتعلم أي شيء في أي موضوع إذا وفرنا له وسيلة وأسلوب مناسب لعمره، غير معقد وبسيط وسهل ومشابه لشيء يألفه، أي ضروري هنا في حالة الأطفال أن نربط دائما أي معلومة بشيء مألوف في ذاكرته، أسلوب التشبيهات والربط أنجح أسلوب تعليمي في حالة الأطفال لإن إدراكهم ووعيهم لم يتكونا بالشكل الكامل بعد، ولهذا في حالتك لا بد وأن أهلك استخدموا أسلوب وطريقة بعيدة تماما عن سنك فالمشكلة كانت هنا وليس فيما حاولوا أن يعلموك إياه.
أعتقد أن العمر عامل مهم بالفعل في عملية التعلم، لأن لكل مرحلة عمرية قدرات واستعدادات مختلفة تجعل التعلم فيها أكثر فعالية، فالطفل يمتلك مرونة عقلية وجسدية تساعده على تعلم اللغات أو المهارات الحركية الدقيقة بسهولة أكبر، وقد قرأت من قبل عن هذا الأمر وهو ما يعرف بالbrain wiring حيث أن تكرار شيء معين مرارا يقوم بعمل وصلة عصبية تجعل قيامنا بالشيء لا ارادي مع الوقت، وتلك الوصلات يكون تكوينها اسهل ما يكون في فترة الطفولة
بالفعل هذا صحيح، ما يجعل العمر عامل أساسي في عملية التعلم هو أن كل مرحلة عمرية في حياة الإنسان لها خصائص نمو مميزة كما أشرت في المساهمة، هذه الخصائص بيولوجية في المقام الأول وتؤثر عليها عوامل أخرى كالبيئة مثلا، وعلى هذا الأساس فإن سهولة تعلم وإتقان مهارات معينة في الصغر أكبر بكثير من مرحلة البلوغ والنصج الكامل، والعكس إمكانية تعلم أو اتقان مهارات معينة في مرحلة الشباب أكبر بكثير من مرحلة الطفولة، فإذا قلنا أن الطفل سيتفوق على شاب في تعلم لغة أجنبية، فالشاب سيتفوق على الطفل في إمكانية قيامه بتشريح مريض أو تشييد مبنى لأن خصائص نموه الجسدية والعقلية تساعده على ذلك.
من وجهة نظر تربوية، أؤيد الفكرة التي تنص على أن المراحل العمرية تؤثر على التعلم، ولكنها ليست العامل الحاسم الوحيد. التوقيت المناسب يمكن أن يسهل النجاح، لكن التاريخ مليء بأشخاص تجاوزوا تلك الحدود عبر تصميمهم واستراتيجيات التعلم الصحيحة.
هنا يدخل عامل الفروق الفردية ويلعب دورا هاما في تحديد قدرة الإنسان على التعلم، فحتى لو بدأنا جميعا عند نفس المستوى في تعلم شيء ما، كل واحد منا سيصل لنتيجة ومستوى مختلف في نهاية الطريق، البعض قد يصل لمستويات عالية في وقت قصير، والبعض قد يصل للمستويات المطلوبة في وقتها الطبيعي، والبعض قد يصل بعد الوقت الطبيعي، وهناك من لا يصل على الإطلاق، هذه ببساطة الفروق الفردية بين البشر، كل شخص يولد بإمكانيات مميزة تحقق له أهداف معينة ولا تفيده في أماكن أخرى.
نظره أظن أنها ما تشير لها المقوله بتحديد!
العلم الفكري والديني'"
تشير المقولة إلى أن القيم والمفاهيم الفكرية والمبادئ الدينية التي تُزرع في الطفولة تظل راسخة طوال حياة الإنسان.الطفل في صغره يتعلم الأخلاق، القيم، والاعتقادات الدينية بشكل يتناسب مع عمره، مما يجعله ينمو على أساس متين يمكنه البناء عليه
وكذالك. يمكن أن تنطبق المقولة أيضًا على التعليم المدرسي الأساسي مثل القراءة والكتابة. التعليم في الصغر يهيئ العقل لاستيعاب المعارف بسهولة، مما يجعل الطفل أكثر قدرة على اكتساب المهارات التعليمية الأخرى في المستقبل.
لكن الأرجح في الكفه هو العلم الفكري والديني!
الكثير لا يغير عادته ودينه واخلاقه.
بينماء الكثير تتغير مستويات الفهم في التعليم قد تلاحظ انه لا يوجد الكثير من الطلاب الأذكياء في الفصل او المهتمين بدرستهم......... والكثير من الاسباب
الكثير لا يغير عادته ودينه واخلاقه.
لا أعتقد هذا الكثير يتغير ويتبدل حالهم، فتجد الملتزم قد انحل وتجد المنحل قد التزم، وتجد من يكفر بعد إيمان، ومن يؤمن بعد أن كان كافرا، ومن يتبع دين ولا يؤمن بكل أحكامه، ومن يتشدد فيه لدرجة أنه يضيفه صرامة من عنده، أي ما ننشأ عليه ليس بالضروري أن يكمل معنا وهذا يشمل كل شيء لأن عقل الإنسان يتطور باستمرار والمواقف والظروف المختلفة تعلب دور في هذا.
قد لا أتحدث عن الأقليات، بل عن الغالبية العظمى من الناس.
أولئك الذين ينحرفون عن دينهم ومبادئهم وأخلاقهم قلة قليلة، لأن الأساس الذي تربوا عليه غالبًا ما يكون تعليمًا نظريًا دون تطبيق عملي في الواقع ولعل أهم الأسباب وراء ذلك هو غياب التربية السليمة منذ الصغر حيث لم يتم غرس القيم في نفوسهم بشكل صحيح ولم يُنشَّؤوا عليها.
إن التربية في الصغر هي الاساس الأولى في بناء الشخصية الأخلاقية، فهي تشكل المبادئ وتُرسخها في الوجدان. وإذا افتقد الطفل هذا البناء المبكر، يصبح من السهل أن يتأثر بالعوامل الخارجية السلبية.
التعليقات