كل من يلتحق بالحياة الأكاديمية في مصر مؤخرا أصبح ملزما بحضور دورات تدريبية تثقيفية بما يعرف "الجودة"، بل إن كل المؤسسات التعليمية كبيرها وصغيرها أصبحت تسعى بقوة للحصول على الإعتماد من "الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والإعتماد".

وكوني قد إلتحقت منذ فترة بالعمل الأكاديمي، فقد كان لزاما علىّ أن ألتحق بعدد من تلك الدورات لإكتساب المعرفة وثقافة الجودة من ناحية، ومن ناحية أخرى لأكون أحد المساهمين في نشر ثقافة المعهد بالمؤسسة التي كنت أعمل بها، وأساعدهم في الحصول على الإعتماد.

أحد هذه الدورات هي "نظم الامتحانات وتقويم الطلاب لكليات ومعاهد التعليم العالى"، وقد كانت دورة تخصصية دقيقة متعلقة بطريقة وضع الإمتحانات ومواصفات الورقة الإمتحانية وكيف يتم توزيع الأسئلة على الورقة لقياس المهارات المعرفية والذهنية للطالب.

وقبل نهاية الدورة سأل أحد الحاضرين سؤالا رائعا من وجهة نظري حيث قال:

"أعتقد أن العنوان لابد من أن يتغير يا دكتور، فلماذا نقول تقويم الطلاب، الأصح أن نقول تقييم الطلاب"

وقد أشاد أغلب الحاضرين برأيه وكعادتنا في مثل هذه الدورات، بدأ الكل يدلي بدلوه وكأن المحاضر لا وجود له!

وبعد أن انتهوا؛ أجابهم إجابة أدهشتني كثيرا، حيث قال:

"الكارثة أن هذا ما تفعلوه فعلا، تقيمونهم، ثم تتركونهم، وهذا ليس دوركم، الواجب عليكم بعد التقييم هو التقويم"!!

أوضح الدكتور أن العنوان مقصود ومدروس بعناية، وأن الغرض الرئيسي من الإختبارات ليس تقييم الطلاب، بل إستخدام هذا التقييم لتقويم كلا من الطالب والأستاذ والمادة العلمية ذاتها!

ولو فرضنا جدلا أن الأستاذ والمادة العلمية لا يشوبها شائبة، فعلينا أن ندرك مشاكل الطلاب ونقومهم وهذا هو الهدف الرئيسي من العملية والمنظومة التعليمية ككل!

ربما يدعونا هذا الموقف للنقاش حول هذا المفهوم، هل بالفعل هناك فارق واضح بين التقييم والتقويم من وجهة نظركم، وهل قابلتم يوما أستاذا حاول تقويمكم بعد التقييم؟!

وكيف يمكن أن نُقَوّم أنفسنا كطلاب، وحتى أبنائنا ممن لازالوا على بداية طريق التعليم بشكل عام؟