صعوبات التعلم، كيف نتمكن من التعرف عليها وتشخيصها، وهل يمكن أن نتعامل معها بمفردنا دون استشارة الطبيب؟

من المعيب حقًا أن يقوم هذا المدير بمثل هذا الطلب، فهو يدل على استهتار وعدم أمانة تجاه هذه الفئات من المجتمع، وهذا لا يعني أبدًا انتقاصًا من قيمتك ولكن الأمر كما تفضلت يحتاج إلى اختصاصي وأنت يمكنك أن تتابع الخطة معه. كنت قد عملت قبلًا مع جمعية للتوحد كان هناك اختصاصي تربوي هو من يضع الخطة التدريبية لكل طالب على حدى وتتابع معه المعلمات، من الجميل أن أذكر لك أن أكثر المعلمات تفوقًا كانت لا تملك شهادة جامعية بل كانت تعمل على شهادة الثانوية.

بالنسبة لتشخيص التوحد، فكان الأمر معقدًا ويحتاج للعرض على أكثر من طبيب واختصاصي تربية.

أظن أن الأمر مماثل بالنسبة للأطفال المصابين بصعوبات التعلم وربما يكتفي البعض بالعرض على اختصاصي تربوي.

أعتقد أن هذه جوانب عالية التخصص، وهي ذات بعد انساني وتتطلب معرفة عميقة بالأعراض وكيفية التعامل معها، اما مواجهة هذه المشكلات بدون معرفة قد يعرض الأشخاص للخطر.

الأمر يشبه أن نتعامل مع بعض الأعراض مثل الإكتئاب الحاد مثلا بدون معرفة متخصصة، فنظن ان الأمر بسيط في حين ان تعاملنا مع مثل هذه الأمور بشكل خاطئ سيزيد الأمر خطورة

اعتقد ان تشخيص نوع صعوبة التعلم وطريقة تدبيرها بحاجة الى طبيب مختص ودقيق ....

اما "الشعور" بوجود صعوبة تعلم فلا يحتاج الى ذلك ...يكفي ان تشعر ان هناك خللا ما او بطء ملحوظ بشكل واضح جدا والا سنقع في فخ ان كل طفل معه صعوبة تعلم

سأجيبك من باب التجربة العملية والبحث والتقصي حيث خضت هذه الحرب لثلاث سنوات تقريبا مع طفلي الأصغر، لدي طفلين فارق السن بينهما أقل من عام، الأول كان سريع الحفظ أو يمكننا أن نقول كان طبيعيًا، أما الثاني فقد بدأت معاناتي معه من صغر عندما كنا نسعى لتحفيظه سورة الإخلاص، فهو لم يتقبل بأي حال من الأحوال أن يحفظ الآية الأخيرة، يقول السورة ويترك الآية الأخيرة مع أنه يحفظها منفصلة لكن عند التسميع فهو يتوقف بعد الآية الثالثة واستمرت المحاولات فترات طويلة ربما شهر أو أكثر.

بالطبع بدأت تظهر علامات استفهام حول الموقف، إلى أن بدأ يدخل الروضة وكذلك لا استجابة في تعلم الحروف ولا رغبة في كتابة الواجبات، كنت أجلس أنا ووالده ليكتب واجبه ونشجعه كما يشجع الجمهور فريق كرة القدم، كان ينتهي من واجبه ونحن نشعر بصداع بالغ.

كنت قلقة جدا وصرنا نتناقش أنه لا بأس فهذه قدراته والحمد لله، ولكنني لم أشأ الاستسلام سريعًا في الحقيقة وبدأت بالتركيز مع الفتى في حياته عامةً فوجدت أنه يتمتع بقدرة رهيبة على التركيز حرفيًا، لو ذهب لمكان ما فإن خريطة المكان تنطبع في ذهنه من المرة الأولى (لدرجة أنه كان يدلني على بعض الأماكن التي لا أعرفها في الجوار) وهنا كان لا بد من التوقف، الولد فكريًا وذهنيًا ممتاز فأين الخلل؟

بدأت أفهم أن نظام الواجبات وكتابة الكلمة عشر مرات كواجب هو نظام عقيم ويدمر قدرات الأطفال وخاصة في هذا السن.

فهمت أنه يحتاج لأساليب مبتكرة في إيصال المعلومات وحاولت على قدر خبرتي المتواضعة من ابتكار أساليب مختلفة في تعليمه وأخيرًا اكتشفت كنزًا بدد كل القلق والتعب والتفكير في السنوات الماضية.

=الولد يتمتع بذكاء عالي جدا فقط يحتاج التغيير في أساليب التعليم.

=كما أنه عنيد وبما أنه لا يحب الكتابة فهو لا يريد أن يكتب حتى لو وقفت أنا على رأسي فهو مصر على عدم الكتابة، بينما عندما يحب فعل ذلك فهو لا يستغرق ثوانٍ ويكون الواجب منتهي.

= يتمتع بجانب فني مميز فهو يحب الرسم وهكذا فنحن نشتري اللوحات والألوان ويرسم رسمات جميلة ونعلقها على جدران المنزل ونصورها ونعرضها على الأصدقاء والمعارف.

= خطه رائـــــــــــــــــــع حرفيا، الولد اللهم بارك خطاط صغير وهذا اكتشفناه بعد دورة تدريبية في الخط للولدين.

والآن بعد كل هذا التركيز تحولت نظرتنا من أنه (ضعيف دراسيًا وقدراته متواضعة) لأن نرى ونركز على جوانب أخرى نادرة في قدراته.

التعليق طويل جدا وأعتذر على الإطالة ولكن لعلها تفيد أحدًا في مشكلة مع أطفاله.

لك كامل الاحترام والتقدير لرفضك العمل دون خبرة سابقة.

ورأيي هو أن تشخيص المتخصص هو أمر مطلوب في هذا المجال، ووضع منهج للتعامل أيضًا، وتدريب فريق عمل قادر على اتباع هذا المنهج وتنفيذه مع الأطفال تحت إشراف الطبيب.

على أن يكون الفريق مؤهل نفسيًًا وتربويًا على الاهتمام بالأطفال واحتياجتهم الخاصة.

ما غير ذلك يؤدي إلى سوء معاملة الأطفال.

وفي رأيي هناك قصور من البلاد العربية تجاه هؤلاء الأطفال.

قسم خاص بالمجتهدين (ذوي الاحتياجات الخاصة)، وقسم آخر خاص بالأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم

أليس إجراء سيئا وغير تربوي؟

سبق وأن عشته وأنا لا زلت في المستوى الابتدائي، وكانت المعلمة وبشكل عنصري قسمت الأفواج لقسم الكسالى، والآخر قسم مجتهد، الغريب أنها لم تحفز أحدا كما اعتقدت، إذ ظنت أن المجتهدين سيجتهدون أكثر لأنهم مجتهدون، والكسالى سيتحفزون ليبرهنوا أنهم ليسوا كذلك، لكن ما حدث أن الكسالى ازدادوا كسلا بسبب إحباطهم وعدم رغبتهم من جديد للدراسة هناك، والمجتهدون تراخو وازدادت لهم الخلايا النرجسية، كنت أنا من بين الكسالى بسبب حادثة جرت لي هناك، على إثرها تحول الأمر كعقدة نفسية لأنني كنت بالأصل مع المجتهدين، ليضطر والدي لتغيير المدرسة بأكلمها، وسمعت بعد خروجي أن المدير اتخذ اجراءات صارمة ضد المعلمة التي قامت بذلك، بسبب تراجع مهول في المستوى الدراسي..

لماذا بالضبط هذا التقسيم، أليس عنصريا؟ أليس من الواجب تلاقح المجتهدين والذين يعانون من التعلم؟ يعني سيكون مبرر أن يتم التركيز بهذا على الصعوباتت وتبسيط أكثر لمن يواجه عقبات، والآخرون تجاوز معكم المراحل بما أنهم مجتهدون؟

لكن ليس مقنعا؟