معايير النجاح ليست فقط في الالتحاق بجامعة معينة أو بتخصص معين ولكن تكون في ماذا حققت بعد ذلك؟ كل عام الجامعات تخرج ألاف المئات من الخريجين والبطالة تزداد، لكن الفيصل يكون في الشخص نفسه ماذا فعل ليصبح ناجحا؟!

عدم حصول الشخص على التخصص الذي يريده ليست نهاية الطريق، ولكن بداية طريق آخر لم يكن يتوقعه، الفكرة ليس في مصير التخصص وعلى أي تخصص سأحصل بقدر ما هو رد الفعل تجاه هذا الموقف؟ هل استسلم واعتبر ضياع التخصص منه نهاية الطريق أم صمم على خلق منحى جديد بحياته.

أيضا هناك من يلتحق بالتخصص الذي عاش من أجله ويشعر بالالتحاق به أنه سيحقق المستحيل، وبعد ذلك تجده يحترف تخصص آخر ويبدأ فيه ويحقق أكثر مما كان يتوقع.

وأنت ما رأيك؟ هل مررت أو مرّ أحد من حولك بهذه التجربة من قبل؟

لدي أحد الأصدقاء كان يريد دراسة الطب ولم يحالفه الحظ، ولكن التحق بتخصص آخر وعمل به، حتى الآن هو مقتنع أنه لن يحقق شيئا لأنه لو كان التحق بالطب كان حقق نجاحا باهرا، وبرأيي سيظل هكذا طالما لم يحقق النجاح المرضي بالتخصص الذي يعمل به.

حدثته كثيرا عن تطوير نفسه بمجاله، خاصةً أن مجاله خصب ومجال حيوي ولكنه مرتبط ذهنيا بالماضي وفقط.

على عكس أمثلة أخرى حققت نجاحا كبيرا رغم أنهم درسوا بجامعات أقل، لذا الجامعة ليست معيار بقدر قوة الشخص نفسه.

طرق النجاح الأخرى

تختلف حسب الشخص نفسه وحسب خريطة الطريق التي تضعها لنفسك ستجد السبيل لها، ومن أهم العوامل التي تساعدك على النجاح باستمرار التعلم المستمر وتطوير مهاراتك باستمرار وتعلم مهارات جديدة وتطويرها باستمرار.

بالمناسبة سارة هل كلامك هذا نابع عن تجربة شخصية أم ظاهرة مجتمعية؟

كان اختيار التخصص الجامعي أحد أصعب القرارات التي اتخدتها حتى الآن، كنت قبل ذلك في شعبة العلوم التجريبية لكنني انتقلت بعدها إلى الاقتصاد والمالية.

كانت درجاتي في أول امتحان بكالوريا لا تسمح بأكثر فقررت اختيار هذا التخصص ثم اجتياز امتحان بكالوريا ثاني "هذا مسموح في بلدي" وهذا ما حصل.

كانت درجاتي جيدة وتمكنني من دخول تخصص في العلوم التجريبية، لكنني لم أفعل فقد فقد أعجبت وأحببت تخصص الإدارة المالية وكل المواضيع التي تتحدث عن الشركات والاستثمارات، أكملت التخصص وتحصلت على شهادة ماستر2.

وبالتالي إذا كانت الجامعة ليست الطريق الوحيد للنجاح، فما هي أساليب وطرق النجاح الأخرى؟

هذا الأمر يختلف من شخص لآخر قد أعتبر انا وصولي لهذه المرحلة الدراسية نجاح لكن أشخاص آخرين لا يعتبرونها كذلك.

سابقا كنت اعتقد انه يجب على الشخص أن يدخل المجال الذي يحبه والذي سيبدع به ، لكن حاليا ونتيجة البطالة المستشرية في بلدي وأعداد الخريجين الذين ينتظرون على أبواب الوظائف أملا في الحصول على الوظيفة التي تخص مجاله ، أصبحت أنصح كل طالب يود الدخول في الجامعة ، أن يدخل المجال الذي عليه طلب في سوق الوظائف مثلا التسويق ، البرمجة ، التصميم ...الخ لابد أن أنوه العمل عن بعد قد ساهم في ولو بجزء بسيط في توفير وظائف للخريجين

أرى ان سوق العمل الحالى لا يعتمد على الجامعة، وهذا ما جب أن نوصّله للعديد من الشباب الذين هم مقبلون على تلك المرحلة، فالجامعة مرحلة جديدة وعالم جديد، لا يعتمد على الذي تدرسه أيا كان، فمقياس هنا هو مهاراتك، إن كانت لديك مهارة واحدة متقنها إتقانا تامًّا، فهذا أفضل بكثير جدا من أية جامعة تلتحق بها ..

أظن ان هذا ما يجب أن يفهمه الطلّاب ويقتنعون به، حينها سيكفّون عن التذمّر والشكوى من ضياع حياتهم بسبب عدم وصولهم إلى كليّة معيّنة .

فلدى صديقي لم يصل إلى ما يتمنّاه فى دراسته، ما زال حتى الأن ومنذ 4 سنوات حياته متوقّفة، بالفعل متوقّفة تماما، لم يستطع تخطي الأمر حتى الأن، فقط لأنه لم يلتحق بالكلية التى أرادها.

أظن أن السبب فى ذلك هو أن نظام التعليم لا يهتم بالمهارات، نفس الطرق التقليدية منذ مئات السنين، فينشأ الطالب على أن مستقبله فى الدراسة فقط، مستقبله في تلك الكليّة فقط، وبالتالى إن لم يصل إلى ما يريده فيظنّ أنه ضاع مستقبله ..

هل الدخول لجامعة معينة معيار للنجاح؟

عندما كنا صغار، كان دائما ما يتردد على مسامعنا عبارات مثل: من المهم أن تكون ناجحا، فعلى سبيل المثال "المحامي الناجح أفضل من الطبيب الفاشل" ، وعلى رغم ما فى الجملة من مفاهيم خاطئة رسخوها فى أذهاننا بشكل غير مباشر كون الطبيب أفضل من المحامي لكن الجيد هُنا أنك إذا أصبحت محاميا فلا يهم المهم أن تكون ناجحا كمحامي.

فلنا أن نجد أن تحقيق النجاح على صورته العامة بعيدا عن التخصص الجامعي نفسه، يكون الغرض فى أغلب الحالات.

ويكون التخصص الجامعي هو الوسيلة التي يتبعها الجميع.. الجميع يرى أن الوظائف المرموقة - مجتمعيا - هى التي لها أن تحقق لها النجاح، أو المكانة الإجتماعية المرغوبة، فمبجرد أن يلتحق الولد بكلية الطب تجد أن العائلة والجيران يربطون اسمه باللقب، فقد أصبح طبيبا وانتهى الأمر. هذا الخلل فى ربط هذه المرحلة بأنها النهاية رغم أنها البداية بعينها!

اعتقد أن ما علينا أن نناقشه هو لماذا يرى الطلاب أن عدم دخول التخصص الذي يريده يُعد نهاية العالم؟ لماذا قد تتوقف حياة إنسان ويفقد الرغبة لاكتشاف المزيد وهو مازال لم يبلغ العشرين؟ لأنه لم يلتحق بتخصص - لا يعرفه بشكل حقيقي من الأساس - !

فعلينا ألا نُقّر بأي طريقة أن عدم دخول الجامعة التي نريدها هو نهاية العالم، ونبدأ فى نقاش صحة ذلك من عدمه بل الاتجاه السليم أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى هذه الفكرة ونصنفها كمشكلات ونعمل على حلولها من جذورها.

بداية من عندي أجد أن إحد الأسباب التي قد ساهمت فى ذلك، هو سعى الأفراد وراء خلق مكانة إجتماعية مرموقة من خلال وظائف مضمونة بالنسبة لهم - رغم عدم وجود أي ضمانات - وحتى إذا كان ذلك على حساب الاهتمامات أو الميول أو أي ما يكون.. بغرض الحصول على ألقاب عينية.

أرى يا سارة أن اليوتيوب هو الجامعة الأكبر حالياً ، فما بالك بكورسيرا و ايدكس و يوديمي !

التعليم الإلكتروني مزق خرافة التعليم الجامعي التقليدي، وجاء عمو ترامب ليجعل المهارات خير من الشهادات منذ أشهر مضت .

وجدت خلال حياتي الكثير من الطلاب والطالبات منهم من استطاع دخول الجامعة التي يريدها ومنهم من لم يستطع، واكتشفت أن مرحلة الجامعة بالنسبة إليهم كانت مرحلة انتقالية فقط، وأن النجاح فيما بعد لم يكن له أي علاقة بجامعة بعينها.

هذه خلاصة الخلاصة ، نعم دخولنا للجامعة قد يضع حدا لطموحنا أما فشلنا ربما يفتح لنا أبواب أخرى غير متوقعة و ذلك بسبب سعينا المستمر للتفوق و إثبات نفسنا.

هل دخلتي الفرع الذي تريدينه؟ أم تتمني لو درستي في كلية أخرى