كثر الكلام في هذا الموضوع، من حيث حكمه بين حلال أم حرام، أخلاقي أم غير أخلاقي، سرقة جهد أحدهم أم تأديب للشركات الجشعة، كل يتمسك برأيه ويطرح حججه، لكن أنا هنا أريد التحدث من منظور مختلف، ما هو التأثير الذي يقع علينا من ترك قرصنة البرمجيات و كل أنواع المحتوى الإلكتروني، وطبعًا أنا أتكلم هنا عمن يعلمون ماهية القرصنة، حيث أن هناك الكثيرين من يعتقدون أن الكراكات هي إضافة تأتي من الشركة الأصلية صاحبة البرنامج لكي يعمل.
قد يقول قائل: لماذا لا يكون العنوان (فوائد و مضار القرصنة) حيث أن الأصل الشراء، ولكن اخترت هذا العنوان بالذات لأن القرصنة أصبحت هي الحالة السائدة في أمتنا، ومن يشتري ويدفع هو حالة شاذة، ولن أطيل عليكم سأبدأ بطرح هذه الفوائد و المضار على شكل نقاط حسب الحقائق الواضحة، مُتبِعًا بها رأيي الشخصي الذي يمكن أن تتفق معه أو تختلف:-
لنبدأ بأول ما يخطر على البال عند ذكر القرصنة ألا وهو الويندوز نظام التشغيل الأكثر انتشارًا، ماذا سنستفيد إذا تركنا الويندوز المقرصن -أقول المقرصن وليس الويندوز بحد ذاته-: سيتجه الأفراد للبديل المجاني ألا وهو اللينكس (حسنًا لن يتجهو للماك أو اس لأنه...)، ومع تطوره في السنين الأخيرة أصبح اللينكس أكثر سهولة للمستخدم البسيط، ولكن مازالت هناك بعض الصعوبة، سيبدأ الناس في تعلمه من الصفر كما بدؤوا تعلم الويندوز، وكما يعلم اللينكسيون فإن هذا النظام يحفز على الإبداع و تعلم المزيد، على عكس الويندوز الذي لا يعطيك مجالًا للإبداع، وقلة ممن لديهم القدرة المالية سيشترون النسخ الأصلية من الويندوز و لكن هم (قلة)، وستتحول الشركات والمؤسسات للينكس بسبب تحول الأفراد، وللعلم فإن مايكروسوفت لا تبذل مجهودًا لتمنع القرصنة لأن القرصنة تعتبر دعاية مجانية لها و أفضل من أن ينتقل الناس إلى نظام آخر؛ أي أننا بالقرصنة نفيد تلك الشركات الرأسمالية (المحتكرة) ولا نضرّها ، وبانتقالنا للينكس يصبح الويندوز وشركته في خطر، وفي نفس الوقت نطور معرفتنا بنظام تشغيل آخر ونفتح أبواب البرمجيات مفتوحة المصدر.
وبذكر البرمجيات مفتوحة المصدر: ستستبدل هذه البرمجيات البرمجيات المدفوعة والغالية كالفوتوشوب، وحزمة مايكروسوفت أوفيس، لأني أكاد أجزم أن 90% من الناس لا يستعملون كل الأدوات المتوفرة في تلك البرامج و هذه الأدوات التي يستخدمونها تكون متوفرة في البرامج المفتوحة، فقط (قلة) من الناس وهم المتخصصون الذين يكسبون من البرامج المدفوعة سيقومون بشرائها، وبهذا تخسر تلك الشركات شريحة كبيرة من المستخدمين، و ستضطر إلى توفير برمجياتهم بأسعار قليلة، و غالبًا لن تجد من يشتري منهم، بسبب دخول معظم الناس للعالم المفتوح المصدر ومعرفتهم بمنافسته الكبيرة لبرامج تلك الشركات من حيث الإنتاجية والسعر، وقد يقول قائل: لكني أريد التمتع بكامل مميزات البرامج المدفوعة و التي لا توجد في نظيراتها المفتوحة، سأقول لك: إذا تركنا القرصنة سنشجع شركاتنا العربية على تطوير برامج تنافس تلك الخاصة بالشركات الأجنبية المحتكرة وبأسعار مناسبة لسكان دول المنطقة، وسيحفز ذلك مبرمجينا على الإبداع و المنافسة، وبدلًا من استخدام برامج الشركات الأجنبية ولو بشرائها بصورة قانونية، نكون قد اعتمدنا على أنفسنا وصنعنا برامجنا الخاصة.
و إن ظلت بعد هذا التطور بعض البرامج الأجنبية لا بديل لها ولا حل إلا بشرائها بتلك الدولارات التي تتضخم عندما نحولها لعملاتنا المحلية و تصبح شيئًا فلكيًا تساوي مرتباتنا من وظائفنا التقليدية أو أكثر، سيحفزنا ذلك على البحث عن وسائل أخرى لربح أكثر، وسرعان ما سنتعرف على مجالات العمل الحر أو الفريلاسنج، التي تعتبر المستقبل بالنسبة للوظائف ، و سنقوم بتنمية مهاراتنا وتعلم مجالات لم نتخيل أننا سنتعلمها، و سيحل العمل الحر مشكلة البطالة المتفشية بين أصحاب الشهادات، وسيتحسن دخل الأفراد وتتطور مهاراتهم الفردية و تبنى خبراتهم، وستتطور أمتنا وتصبح أمة منتجة غير مستهلكة.
وفي النهايـ...انتظر لحظة لم تذكر مضار ترك القرصنة، حسنًا لقد تخيلتُ ما يمكن أن يقدمه تركنا للقرصنة من فوائد، حتى لم يبقَ ما أقوله عن مضارها، لكن ما رأيك أنت؟ شاركني برأيك وأخبرني بوجهة نظرك.
التعليقات