هذه اللوحة تعتبر من أغلى اللوحات التي بيعت في تاريخ الفن التشكيلي ، بالرغم من أنها رسمت سنة 1893م ، إلا ان ثمنها بلغ 120مليون دولار بمعرض سوثبي في نيويورك سنة 2012

و قد كتب ادفارد مونش في مذكرات أبياته الشعرية متحدثا عن لوحته "الصرخة" قائلا : <كنت أمشي في الطريق بصحبة صديقين ، وكانت الشمس تميل نحو الغروب ، عندما غمرني شعور مباغت بالحزن والكآبة ، وفجأة تحولت السماء إلى لون أحمر بلون الدم. توقفت وأسندت ظهري إلى القضبان الحديدية من فرط إحساسي بالإنهاك والتعب ، واصل الصديقان مشيهما ووقفت هناك أرتجف من شدة الخوف الذي لا أدري سببه أو مصدره ، وفجأة سمعت صوت صرخة عظيمة تردد صداها طويلاً عبر الطبيعة المجاورة>

للوهلة الأولى التي تشاهد فيها اللوحة، يتهيأ اليك أنها مجرد "رسمة" ، لكن عندما تتأملها جيدا تجد فيها ابداعا حقيقيا يلخص مشكلة الانسان الأولى عبر التاريخ ألا وهي الخوف.

اللوحة تبرز لنا مايمكن أن يفعله الخوف بالانسان ، الشخصية المركزية في اللوحة هي شخصية مذعورة ، يتملكها الرعب ، خائفة من ظلها... وتلاحظ أن الفنان طمس ملامح الشخصية. لن تميز ان كانت رجلا او امراة ، لن تعرف عمرها أو جنسيتها ، فهي شخصية أشبه بالشبح التائه. وهذا بالضبط ما يفعله الخوف في الانسان ، يشل تفكيرك ويحولك لشيئ تائه بدون ملامح ولا رأي أو شخصية. يجعلك تغلق اذنيك حتى لاتسمع ولاتفهم أي شيئ ، يجعلك ترتعب من كل همسة ، تفزع من أي رأي ، وتتوتر من كل كلمة.

الانسان الخائف ينعزل عن الناس تماما كما يظهر في اللوحة ، يريد الوقوف لوحده بعيدا ويدير ظهره للناس ولحركة المجتمع والزمن. لأن مجرد الحركة... اي حركة في أي اتجاه تثير اعصابه وتجعله يرغب بالصراخ. الخوف سيصيب عينيك بالشلل ، سيجعلك ترى السماء الجميلة والمفعمة بالحياة لونها أحمرا مفزعا مثل محيط من الدم ، ويبدو لك النهر المبهج لونه غامق وكئيب.

كلما استطعت تكسير جدران الخوف داخلك وتتحرر من أوهامك ، كلما استطعت أن تعبر الجسر لبر الأمان والسعادة ، عندها فقط... ستعود إليك ملامحك وتستعيد شخصيتك.

لوحات أخرى لنفس الفنان :

فتيات على الجسر 1902

مراحل الحياة الاربعة

و إن كنت ترغب بالتجول قليلا في معرض ادفارد مونش وتستمتع بابداعاته... هذا موقعه على الانترنت :

http://www.edvard-munch.com...