كيف تصنع ادمغتنا الخرافة وتؤمن بها ؟
يسأل صديق السؤال التالي :
برأيك ليه بنختلق الخرافه ونؤمن بها ؟
هل لهذا السلوك جذور جينية ؟، وهل توجد مثل هكذا سلوكيات عند أسلافنا وهل لها علاقة بالبقاء والتطور ؟؟
الجواب :
طبعا لها جذور وهي احدا عيوب تطور ادمغتنا .
للخرافة عدة انواع ولكن ساضرب بمثال سريع
احدى اساليب ادمغتنا في تفسير الامور هي ربط النتيجة بسبب ما وهذا صحيح فلكل نتيجة سبب
ولكن النسخة البدائية من هذا الاسلوب او بدايات تطور هذا الاسلوب في ادمغتنا كانت عبارة عن ربط بين حدثين كسبب ونتيجة دون تحليل منطقي حيث ان الادمغة وقتها لم يكن تطور لها القشرة الدماغية ( احدث اجزاء الدماغ ) المسؤولة عن العمليات العقلية العليا كالتحليل .
عندما كنا نعيش بالغابات ساهمت هذة الميزة العصبية بانقاظ حياتنا حيث مثلا ستدوس انت على غصن شجرة فتجد ان مفترساً انقض عليك ، فان استطعت النجاة فسوف تؤمن بان الدوس على اغصان الشجر ليلاً يؤدي لانقضاض المفترسات عليك وبهذا لن تدوس على اي اغصان ليلاً ... هنا شكل الدماغ خرافة آمن بها بشكل مطلق وانقذت حياته فعلا ولكن السبب الحقيقي هو ان صوت الغصن جعل المفترس يتنبه .
فتجد ان الدماغ البدائي الذي ليس لديه تحليل منطقي ربط بين السبب ( الدوس على الغصن ليلاً ) وبين النتيجة ( انقضاض المفترس عليك ) دون اي تفسير منطقي .
هذة الميزة ساهمت في انقاذ حياتنا ولكنها جعلت منا كائنات خرافية بامتياز ، ولان القشرة الدماغية حديثة التطور فاسلوب الخرافة هذا مازال قويا وراسخا جدا في ادمغتنا ، فحتى ان كنت منطقيا وتعرف انها خرافة ، فالمسارات العصبية القديمة مازالت اكثر ارتباطا من القشرة الدماغية بمناطق العاطفة والخطر بالدماغ ، فعاطفتك ومشاعرك ستبقى تدق جرس الخطر ولن تقدم عليها رغم معرفتك انها خرافة .
فانت اليوم مثلا في 2018 ان كنت في يوم صيفي ونزل بهذا اليوم المطر ( الذي يعتبر حدث استثنائي في يوم صيفي ) وبنفس اليوم وانت ذاهب لعملك صدمتك سيارة ( ايضا حدث استثنائي )
فلاشعوريا ستعمل ستعمل الدوائر العصبية البدائية وستشغل مناطق الخطر اي سيعود دماغك لاصوله البدائية وفورا سيربط بين مطر الصيف كسبب وحادث السيارة كنتيجة
وسيصبح لديك ايمان كلي بان امطار الصيف هي فأل سيئ او يوم نحس وشؤم بالنسبة لك . وستتحاشا الخروج من منزلك في هكذا ايام .
يحاول دماغك هنا انقاظ حياتك ولكنه اوقعك بالخرافة .
المنشور للأخ معتصم وهيب الذي أنصحكم بإضافته إلى قائمتكم في الفيس بوك .
المصدر :
التعليقات