كيف نخدع أنفسنا دون أن ندري؟
هل سبق لك أن اتخذت قرارًا بدا لك منطقيًا تمامًا، ثم اكتشفت لاحقًا أنه كان مبنيًا على تبريرات واهية؟ لا تقلق، لست وحدك. فالدماغ البشري بارع بشكل مدهش في اختراع أكاذيب مقنعة، لا لنخدع الآخرين فقط، بل لنخدع أنفسنا في المقام الأول.
لماذا يخترع الدماغ الأكاذيب المقنعة؟
- فالعقل يستخدم الأكاذيب المقنعة كآلية للدفاع عن النفس، لحماية الأنا من الألم النفسي أو الشعور بالذنب. فعندما نفشل في مشروع ما، نميل إلى إلقاء اللوم على الظروف أو الآخرين، بدلًا من مواجهة تقصيرنا.
- في الوقت الذي تتعارض فيه أفكارنا أو أفعالنا مع معتقداتنا، يشعر الدماغ بعدم راحة. وبهدف حل هذا التوتر، يبدأ باختراع مبررات داخلية تجعلنا نشعر بأننا منطقيين، بالرغم من كوننا حقيقة متناقضين في كثير من الأحيان.
إن المدخن رغم معرفته بالعواقب، ولتبرير سلوكه يعمل على إقناع نفسه بأنما يقوم به يساعده على التركيز.
- "لو كان لدي الوقت، لفعلت كذا…"
- "أنا لا أحسد، فقط أكره الظلم"
- "هو لم يرفضني، فقط لم يكن مستعدًا لعلاقة"
هذه العبارات تبدو بريئة، لكنها في واقعها نماذج واضحة لـلخداع الذاتي الذي يمارسه الدماغ لإبقاء الذات في منطقة الراحة.
يبدو الأمر سلبيًا بالكامل لكنه يحمل جانب إيجابي، ففي بعض الحالات، الخداع الذاتي يساعد على البقاء والتكيف. الإيمان بأننا سننجح رغم الفشل المتكرر قد يدفعنا للاستمرار في المحاولة، وهو ما يُعد من آليات البقاء.
إذن كيف نواجه الأكاذيب التي نختلقها؟
تطوير الوعي الذاتي عبر مراقبة الأفكار الداخلية ومراجعة الدوافع بصدق فقد نكتشف متى نخدع أنفسنا.
تقبّل الحقيقة بدلًا من مقاومتها بالرغم من أنها قد تكون مؤلمة أحيانًا، لكن الاعتراف بها يفتح الطريق نحو التغيير.
أحيانًا نكون عُميان أمام أنفسنا. اطلب رأي شخص تثق به لترى الأمور من زاوية مختلفة.
الدماغ البشري آلة مذهلة، لكنه ليس دائمًا موضوعيًا. فهو قادر على اختراع أكاذيب ذكية ومقنعة فقط ليحافظ على توازننا النفسي. إدراكنا لهذا السلوك لا يجعلنا أضعف، بل يمنحنا القوة لفهم أنفسنا بشكل أعمق.
إذا كان العقل يختلق الأكاذيب ليحمينا من الألم، فهل نحن نعيش "الواقع" فعلاً، أم مجرد نسخة مريحة منه صنعناها لأنفسنا؟
التعليقات