الحبّ أو الحبيب.. هو الذي غنّت عنه أم كلثوم "بخاف عليك بخاف تنساني" وغنت فيروز "أنا لحبيبي وحبيبي إلي"، وغنّى المطرب الفرنسي Joe Dassin

"Et si tu n'existais pas, Dis-moi pourquoi j'existerais"

لماذا تكون أكبر مخاوف الإنسان أن ينساه شخص آخر، ويعتقد بأنه ملك لحبيبه وحبيبه ملك له؟ ولماذا يتعلق وجوده بوجود شخص آخر؟ هل هذا نوع من الجنون؟ وهل العالم كلّه مجنون؟ أم للأمر تفسير منطقي؟

المطرب على المسرح يغنّي بكل إحساس، الفنّان يراقص ريشته، وليل للحيارى كلّه بكاء، حسرة وندم وشوق ومشاعر مختلطة وأخرى غير مفهومة، في هذا النصّ سنحاول أن نفسر لماذا يحصل كلّ هذا بطريقة علمية مبسطة، وما الخلل في العلاقات العاطفية الذي يجعلها شيئا مضرا بدل أن تكون شيئا سعيدا وجميلا..

تقول Helen Fisher (باحثة في الحب الرومنسي وتطور المشاعر الانسانية) في إحدى محاضراتها: العالم بدون حب هو مكان ميت!

كيف يحصل الحب؟

من بين الأشياء الغريبة التي تحصل عندما نحبّ أنها تصبح لدينا معاني خاصة بنا لا يفهمها غيرنا، كأن تعتقد بأن مركز الكون هو حبيبك، هل يمكنك أن تقنع العالم بذلك؟ الحب يجعلنا نركز على شخص بعينه رغم تعدّد الخيارات، الشعور بالحبّ يجعلنا في قمة المتعة أو الحزن.

علميا:

الحب حالة عصبية مثل الجوع والعطش، عند حصول حالة حب يطلق الدماغ مواد كيميائية كالدوبامين والسيروتونين، أمّا في مرحلة الإنجذاب تسود الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والبروجستيرون، أمّا تطوريا فهو وسيلة للبقاء لاستمرار النسل ورعاية الأبناء.

(مصدر الصورة: صفحة أنا أصدق العلم على الفايسبوك)

وتعليقا على التفسير العلميّ للحب يُشاع هذا القول على مواقع التواصل:

الحب هو مجرد تفاعل كيميائي يجبرنا على التكاثر، ثم يختفي ببطء ليتركك مقيدًا في زواج فاشل.

هل كون الحب تفاعلا كيميائيا يعني أنّه عديم قيمة؟ أليست تشكيلة الإنسان كلّها تفاعلات كيميائية وحتى الكون بأسره؟

لماذا تقع في حب شخص بدل الآخر

التوقيت والتقارب، والغموض الذي يرفع درجة الدوبامين، أحد أهم العوامل التي تلعب دورا مهما في تكون العلاقة العاطفية، بدأ من الانجذاب ومرحلة الانبهار الأولى، حيث تكون مرحلة مليئة بالحب في العادة دون أية مشاكل، لا يرى فيها الطرفين عيوب بعضهما ويهيمان ببعضهما، يحاول كلّ واحد منهما أن يحصل في شريكه على الصفات التي يود نقلها إلى أبنائه.

"عندما تقع في الحب فتلك أجمل يومين ونصف في حياتك" -'Richard Lewis'

فيما بعد يبدأ كلا الطرفين في التعرف الحقيقي على الآخر، وينتهي الأمر إما بالابتعاد أو تقبل الآخر والتعايش مع عيوبه، وربما هنا نستطيع أن نسمي الأمر حبا حقيقيا يمكن أن يدوم لفترة أطول، خاصة عندما يعرف كلّ طرف عيوب الآخر قبل محاسنه.

زوال الحب!

" لن تدرك معنى الحب إلا بعد ربع قرنٍ من الزواج " -'Mark Twain'

ربّما هذه هي المرحلة المؤلمة لكلّ المحبين، في استبيان للأشخاص الذين مروا بعلاقات عاطفية في الولايات المتحدة أجاب أكثر من 80 بالمئة من كلا الجنسين بأنهم تعرضوا لخيبات عاطفية، حيث أنهم تخلوا عن شركائهم أو أنّ شركاءهم قد تخلّوا عنهم، ربما هذا هو أهم جزء من الموضوع الذي أود التحدث عنه بكلّ عناية واهتمام، الأكثرية ممن يقرؤون هذه الكلمات الآن تعرضّوا لصدمات عاطفية قويّة وربّما أنت الآن تتذكر خيبتك مع الأسف! لذلك أود أن أتحدث فيما يلي عن:

كيف نتجنب الخيبات العاطفية؟

لا أحد يمكنه تجنب الخيبات بشكل دقيق، سواء الخيانة أو انسحاب الشريك بدون سبب (وهو أهون)، لكن على الشريكين أن يتحليا بالوعي اللازم قبل أيّة علاقة عاطفية وأن يكون اختيارهما لبعضهما قرارا يتطلب الوقت والتفكير، أن تقع في حب زميلتك في الدراسة لمجرد أنك تخرج معها أو أنها تقوم بتصرفات تجعل كيمياءك تعمل في الغالب ليس حلا مثاليا، الكثير من التجارب قد تجعلك في حالة حبّ! المرور بأزمات ومشاكل مع صديقتك قد يطور هذه المشاعر وتصبح حبا، خوض تجارب فريدة للمرة الأولى يرتفع خلالها مستوى الادرنالين مثلا قد يكون دافعا آخرا للحصول على شيء مميز في الذاكرة.. لكنك في النهاية ستقع على ركبتيك وتتحمّل نتائجك خسارتك!

ملاحظة: هذا ما سيقوله كل من يعاني من خيبة عاطفية في الغالب =D

مع تجاوز مرحلة الانبهار الاولى ستكون مع شريكك بكامل عيوبه، لن تحتاج إلى ضحكته التي أحببتها، ولن تحتاج إلى نوع الموسيقى المفضلة لديه ولا أيّ شيء غبي آخر، ستكون أمام خيارك، هل هذا الشخص الذي أمامك مناسب لك ولأهدافك بالفعل؟ هل تراه شخصا صالحا؟ هذه الأشياء من شأنها أن تحدّد لك صلاحية علاقتك، وعليك أن لا تتوقع أن قوة تدفق مشاعرك ستبقى دائما.. مهما أحببت شريكك أو أحبّك، فالمشاعر شيء يتغير، قد تضمر أو تتدفق أكثر فجأة، لكن في النهاية ستحتفظ بقرارك وتبقي على تقديرك للطرف الآخر، في هذه المرحلة يفر الكثيرون إلى تجارب أخرى إعتقادا منهم بأنها ستمدّهم سعادة جديدة، في حين أنهم سيظلون في دائرة مفرغة من الفشل العاطفي! ثم يخبرونك في النهاية أنهم لا يصلحون لأية علاقة لكنهم في الحقيقة فقط لا يتعاملون مع الأمور بوعي ومسؤولية.

سايكولوجيا

نظرية "مثلث الحب" لعالم النفس 'Robert Sternberg'، تقتضي وجود ثلاثة عوامل لا يمكن أن تنجح العلاقة مع غياب عامل واحد منها "الألفة، الانجذاب، والالتزام"

الإلتزام يا متعلمين يا بتوع المارس!

ماذا يحصل لك في حال حب؟

عند الوقوع في الحب فالأمر يمنحك شعورا مريحا من الطمأنينة والارتياح، له فوائد صحية كثيرة من بينها تسكين الآلام وخفض ضغط الدم وتقليل احتمالية الاصابة بالنوبات القلبية..

لكن.. عندما لا نحترم علاقاتنا ونتعامل معها بطيش ينقلب السحر على الساحر!

عيد الحب

كتبت هذا الموضوع تزامنا مع ما يسمى عيد الحب، وأتمنى أن يكون النقاش حول موضوع لماذا نحب؟ ولماذا نخون؟ وكيف نجعل علاقاتنا العطافية تنجح؟ لم أحب أن أتطرق إلى الروايات التاريخية حول عيد الحب لأنها لا تهم في شيء، نحن بالكاد لا نستطيع أن نحبّ بشكل جيّد حتى نفكر في هل سنحتفل بالحب؟ عالمنا العربي ربما يستحق عيدا للكره لما يحصل فيه من كراهية وحروب طائفية للأسف..!

إذا..

لماذا نحب؟ ولماذا نخون؟


هامش:

ما ذنب هذا الدبدوب :/


مصادر: