فهمت العنوان؟ لا! طيب سأحاول تقريب الفكرة بمثال من واقعنا اليومي. أو واقع الأغلبية.
حين تصادف تصرف طائش من سائقة سيارة. أو تشاهد أية حركة قامت بها هذه السائقة ولم تكن موفقة فيها من وجهة نظرك. التعليق الدارج الذي نسمعه عادة هنا هو: أرأيت.. امرأة !
أو : كنت أعلم أنها امرأة!
متأكدة أن هذا النوع من التعليقات مألوف جدا بالنسبة إليك.
أسأل نفسي دائما ما علاقة جنس السائقة بالخطأ الذي اقترفته أو بالحركات غير المدروسة التي قامت بها والتي ربما قد تعني أشياء كثيرة: أنها مستجدة على السياقة، أن هناك ما يشغل ذهنها، أنها لم تكن منتبهة ببساطة...
ربما تكون من من يعلقون تعليقات كهذه. إن كنت كذلك. فكر للحظة، كم سائق متهور، مبتدىء، مستهتر، لا يعرف ما يفعل..قد تصادفه يوميا في الشارع؟ قد تعلق على تهوره أو تصرفه الغير مقبول مستنكرا. نعم، بالتأكيد قد تفعل. لكن هل قلت مرة سواءً ساخطا أو مستهزءا: كنت أعلم أنه رجل!
لا..لن تفعل..ولن يفعل أي شخص.
لا نربط جنس: الذكر. بأي من هذا..ما عاذ الله كيف لنا أن نفعل؟!
لم فقط المرأة من نربط هويتها كأنثى بسوء مهارات السياقة؟ وظاهرة الربط هذه عالمية وليست عربية فقط كما يبدو.
أول ما ظهرت السياقة كانت حِكرا على الرجال. بدء ظهور نساء يقدن سيارات كان أمرا ملفتا للانتباه. ويدعو تلقائيا للتركيز عليه. أي شيء إن ركزت عليه أكثر ستظهر لك فيه عيوب أكبر وأخطاء أكثر. تحليلي الشخصي لظاهرة ربط سوء سياقة المرأة بهويتها كأنثى أرجعه لتوارث هذا التركيز جيلا عن جيل. مادمت تركز على أمر فغالبا سيتكرر حولك كثيرا. تكراره سيجعلك تؤمن أكثر بملاحظاتك عليه وأفكاره حوله، والتي هي أساسا نتيجة تركيز مبالغ فيه فقط..هو وهم تكراري.
الوهم التكراري مدخل إلى الانحياز التأكيدي
عنوان لفقرة بتدوينة: صديقي صاحب الآراء الموضوعية والمنطقية والوسطية، هل أنت كذلك فعلاً؟
موضوع جميل يستحق الاطلاع عليه.
هذا المثال المتعلق بربط أخطاء المرأة بهويتها كأنثى يمكننا أن نسقطه على حالات كثيرة غير الأخطاء. كالقرارات أو الآراء. مؤخرا أصبحت ألاحظ هذا حتى مهنيا.
كنت أعتقد سابقا أن هذا الأمر منتشر في المجتمع الشرقي. وأن الغرب تجاوزوا المسألة بما أنهم رواد المساواة بين الرجل والمرأة- أنا ضد فكرة المساواة بين الرجل والمرأة على فكرة كي لا يُفهم كلامي على أنه تأييد لهذا التوجه، لكن هذا ليس موضوعنا- مرة وأنا أتابع حوار ولقاء مع (ماريسا ماير)، المديرة التنفيذية ل(ياهو). كعادتي انتقلت للتعليقات لأعرف آراء غيري في الحوار واللقاء. فهالني عدد التعليقات التي تهاجمها لا لشيء سوى لكونها سيدة.. أنثى.. قرارها ذاك سببه أنها أنثى! ..هذا ما يحدث لشركة حين تديرها أنثى! لا وجود لنقد جدي ومفهوم أو تحليل منطقي لسبب كون قرارها الفلاني خاطىء. هو خاطىء لأنها أنثى وهذا يكفي! اقتنعت؟!
لست متأكدة هل تعليقات كهذه هي من نفس نوع التعليقات الهجومية التي يواجهها فعليا أي شخص ناجح. فقط هنا لؤم البعض يجعلهم يحاولون النيل من السيدة الناجحة بهذه الطريقة. أم أن الأمر ليس لؤما. وهناك إيمان داخلي فعلا لدى المعلقين أن "ماريسا" حتى إن كانت أنعشت (ياهو) فقراراتها خاطئة ومنصبها غير مُستحق. لم؟ لأنها أنثى وهذا يكفي. اقتنعت؟!
سواء كنت مقتنعا بهذا أيضا أو غير مقتنع. أخبرني برأيك في التعليقات :)
التعليقات