كان القائد فخر الدين باشا، قائدا برتبة عميد في فيلق الجيش العثماني الرابع في الموصل، عندما قامت الحرب العالمية الأولى عام 1914، لكنه رقي إلى رتبة لواء، واستدعي من قبل الدولة العثمانية بعدها بعامين إلى المدينة المنورة للدفاع عنها، عندما كان الانجليز ومعهم السلطان حسين يقومون بحركة مسلحة ضد الدولة العثمانية، في إطار الحرب العالية التي كانت بريطانيا، ضد الدولة العثمانية.

يقول الكاتب والمؤرخ العراقي أورخان محمد ان سبب نقل 30 غرضا إلى الأستانة كان الخوف عليها من تعرض المدينة للنهب، وكانت الاغراض المرسلة هي الأمانات النبوية الشريفة. وقد أرسل فخر الدين طلبا لحكومته يطلب منها نقل هذه الأغراض، فوافقت على شرط تحمل فخر الدين المسؤولية، وقد أرسل معها 2000 جندي لحمايتها.

ويبرر أورخان بقاء فخر الدين في المدينة لمدة ثلاثة أعوام بأن حبه للمدينة المنورة وللنبي محمد عليه الصلاة والسلام، جعله يرفض الانسحاب منها بعد انسحاب كافة القوات العثمانية بالمنطقة، ودخول قوات الشريف حسين إلى مكة المكرمة.

دفاع ضد الانجليز

من خلال عمله على مخطوطتين لكاتبين من أهل المدينة، كتب كل منهما شهادته على فترة حصار المدينة، وضح الباحث السعودي محمد الدبيسي الحاصل على الدكتوراه في الأدب من الجامعة الإسلامية بعض الأمور عن رحيل سكان المدينة، منها عدم رحيل الكل، وأن البعض أجبر على الرحيل، وآخرين بقو بإرادتهم.

لا تذكر المصادر المتوفرة سبب ترحيل بعض السكان، الذين ينسب لفخر الدين ترحيلهم، لكن على الجانب الآخر يدفع آخرون هذه التهم عن الرجل، حيث يقول الدكتور عائض الردادي -الأستاذ المتعاون في قسم الأدب بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية-، أن فخر الدين باشا، كان ظالما ومظلوما في نفس الوقت، ففي الوقت الذي ينسب إليه السبب في حصار المدينة المنورة بين عامي 1916 – 1919، لم يُسلط الضوء على صمود جيشه في الدفاع عنها.

يضيف الردادي بأن فخر الدين أنشأ الفرقة الزراعية لتوفير الغذاء لجنوده، وأنه أنشأ مدرسة اللوازم لتدريب الجنود على فنون الحماية العسكرية. حتى عندما صدرت له الأوامر من الدولة العثمانية بالاستسلام، رفض ذلك، لكنه تنازل عن القيادة.

الردادي الذي يقول أنه عرف بعد التعمق والدراسة أن فخر الدين مظلوما بعد ان كان من اشد الكارهين له، يقول أيضا أنه أرسل كثيرين من أهل المدينة إلى اسطانبول والشام بشكل اختياري في البداية، فعل ذلك بشكل قسري بعد ذلك. وبالرغم من حصاره داخل المدينة المنورة ثلاث سنوات إلا أنه كان يهاجم الانجليز والحلفاء الذين يحاصرونه.

"قلة المعلومات المتوفرة عن ما حدث وقتها تجعل من الصعب معرفة الاحداث على وجه الدقة"