تنبيه : الموضوع طويل قليلا ، أعتذر على ذلك :)

انتهيت للتو من مشاهدة فيلم pk 2014 لقد كان فيلما رائعا ، لقد اخذت منه الكثير من الفوائد والعبر ، وذكرتني بقصتي مع نفسي ، بالكثير من الذكريات الماضية ، والتي جعلت إحداها عنوانا لهذه المساهمة .

ولدت في عائلة مسلمة متدينة ، تقريبا كل الأصدقاء الذين تعرفت عليهم كانوا متدينين ، كان حديثنا فقط عن القرآن والدين والصلاة والأحاديث ، وأغلب الوقت حديثنا يكون في ما له علاقة بالدين ...

منذ صغري حبب إلي كره الموسيقى ، كره المغنيين ، كره الألحان ، فكنت في كل مرة أستمع للموسيقى ، أشعر بالضيق ، أشعر بأنني لست في المكان المناسب ، وأحياناً كنت أضطر لسماعها ، حين أركب في الحافلة أو في القطار ، أو حينما أكون في أماكن تشتغل فيها الموسيقى على وجه العموم ، حتى أنني تركت الذهاب للصالات الرياضية لأنهم كانوا يطلقون الموسيقى

إنه شعور غريب ، أكره أن أستمع لها بدون سبب ! بدون دوافع منطقية ، فقط لأنني أكرهها وحسب ، منذ ولادتي ، والذي كان يشجعني أكثر على ذلك ، أنني لست لوحدي ، فقط كان هناك الكثير من الأصدقاء الذين يشاطرونني نفس الاهتمامات ..

كل شيء يستخدم آلات موسيقية كخلفية مع الكلام ، كنت أسميه موسيقى ، حتى تلك الأناشيد التي يستخدمون فيها الآلات لم أكن أستمع لها ، مثل أناشيد سامي يوسف التي كانت مشهورة آنذاك ، أو ماهر زين ، ومن هم على شاكلتهم ..

بدل الاستماع للموسيقى ، كنت أستمع للأناشيد بدون موسيقى ، صراحة كانت تعجبني ، كانت تنغم أسماعي ، كانت تطربني ، كانت كافية جداً بالنسبة لي ، أحياناً ، حينما أشغلها أمام الذين يستمعون للموسيقى ، يقولون لي ما هذا الهراء الذي تستمع له !!

أعجز أن أخبرهم أن الذي تعتبرونه أنتم هراء أن أتلذذ بالاستماع له ، لقد حصل معي هذا الموقف مرارا وتكرارا ، أحيانا كنت أخجل من نفسي أن أشغلها هكذا وحسب ، لذلك معظم الوقت كنت أضع سماعات للأذن ، لكي أستمع لها لوحدي ، بدون تلك التعليقات اللاذعة ، ومن هذا المنبر أقول ، يا من تقرأ ولا تحب الأناشيد ، ارحموا أولئك الذين يحبون الأناشيد...

وأضيف إن أولئك الذين لا يحبون الأغاني أيضاً يعتبرونها هراء ، بمجرد سماعهم للموسيقى ، يصيبهم ذلك الغثيان ، ويتمنون متى تتوقف وحسب

هناك الآن الملايين من البشر حول العالم بهذه القناعة ، يكرهون الموسيقى ، وهناك من لم يكرهها إلى أن مات ..

السبب كان دينيا محضاً ، لقد كرهتها بسبب الفتاوى التي أرها في التلفاز من العلماء المسلمين ، أغلب العلماء المسلمين يقولون بتحريمها ، ولأنني كنت حريصاً على تطبيق التعاليم الإسلامية تركتها منذ صغري ...

إن الأشياء التي نتربى عليها وتغرس في عقولنا ، وكلما مر عليها وقت طويل ، صعب علينا إزالتها ، لأنها تجدرت بعمق

صدقوني ، إزالة هذه القناعة من رأسي كانت صعبة للغاية ...

أحياناً ، كنت أحاول أن أكمل الإنصات للموسيقى ، فقط لأرى ، ما هو الشيء الممتع فيها ، ما الذي يجعل الناس يرقصون عند سماعها ، أتدبر الكلمات ، أستمع للرنات بتفاصيل من أجل أن أجد الفارق ...

بما أنني لم أكن أرغب في سماع الموسيقى مباشرة ، كنت أستمع للأناشيد التي بها خلفيات موسيقية ، لقد كانت تعجبني ، رغم ذلك كنت أعتقد أنني أكسب الإثم وراء ذلك ... لذلك لم أكن مطمئنا لها تماماً ...

مرت بضع سنوات ، ترقى الوضع ، عند وصولي للجامعة ، حيث كانت الأغاني في كل الأماكن ، والناس مختلطة ، لذلك كنت أحياناً ، أترك نفسي أستمع لبعض الموسيقى ، رغم أنني لا زلت أشعر بالسوء حيال ذلك ..

لم أعد أكرهها كما في السابق ، لقد تبدلت بعض آرائي بسبب اندماجي مع فئات مختلفة من المجتمع .. وهكذا ...

مؤخراً ، اكتشفت أن الكثير من الشيوخ المسلمين ، تراجعوا عن فتواهم تلك ، ومنهم علماء كبار مشهود لهم .. و المسألة مختلف فيها بين العلماء ..

اعلم أنني فوتت عليك الكثير من الأشياء الرائعة أثناء صغري ، ولأكون صريحاً ، فإنني لست نادماً أبداً، لأنها كانت مرحلة من حياتي وعشتها بالطريقة التي كان من المفترض أن تكون بها ..

أعتقد أنه على الشباب الانفتاح والخروج من دائرة الأمان التي هم بيها ، والاطلاع على كل شيء ، والخروج من قوقعة المجتمع والتقاليد .. والتعرف على كل شيء جديد ، التعرف على ثقافات جديدة ...

أو فإنه بالمقابل لن يصبح لحياتهم معنى ، وربما يفوتهم الكثير من الأشياء الرائعة كما حصل معي ! راجعوا قناعاتكم ، راجعوا أفكاركم ، راجعوا ماضيكم ...