قرأت المقال "هل تستطيع الهروب من جوجل؟" الذي كتبه @axok12 والذي يتحدث عن أنه لا مهرب من غوغل.
نقول هنا أن جمع كمٍّ كبير من البيانات يولّد عدة مشاكل ليست على صعيد انتهاك خصوصية الغير فقط بل من ناحية مالك البيانات نفسه أي غوغل أو أي شركة تماثلها، من بين هذه التحديات التالي:
حفظ هذا الكم لأطول مدة وبأقل سعر (هذه المشكلة ستحل قريبا ).
تصنيف وترتيب هذا الكم من البيانات بشكل يسهل الوصول إليها بشكل سريع. (لا تزال برمجيات معالجة البيانات الضخمة غير فعالة بما يكفي) .
المشكلة الأصعب: توقع الخطوة التالية التي سيقوم بها المستخدم الذي جمعت بياناته.
غوغل تعرف جزءا منك فقط. وهو غير كاف فلو قلنا أن خلال يوم من حياتك تنتج مئة كيلوبايت مثلا من البيانات على الشبكة. فالأرجح أن سبعين بالمئة منها هي مراسلات وهي وان كانت في قبضة الفيسبوك أو تطبيق مراسلة آخر فالمهم ان غوغل لا تعرف كل شيء ولاضرب مثالا اخر سمعت ان متجر مساعد امازون الكسا قد اضاف خمسة عشرة الف وصفة طبخ لالكسا لنقل ان هناك زوجا خرج مبكرا من عمله واتى للمنزل مبكرا وامر الكسا ان تعطيه وصفة طبخ جيدة وقام بها وطبخ العشاء واتت زوجته وتناولا العشاء معا وفرحا وعاشا بسعادة دخلت زوجته النت تلك الليلة وطلبت من امازون برايم ساعة ابل هدية ومفاجأة لزوجها العزيز.. حتى لو عرفت امازون كل ذلك فان غوغل لن يعرف وسيعاني نقص معلومات واضح ولن يفهم حتى لو دخل ذلك الزوج مثلا لغوغل وبحث عن (فوائد نبتة القرفة) .. لانه ما ان تفقد معلومة لا يمكنك توقعها يصبح توقع المستخدم أو العميل اصعب ما يكون..
خطر فيسبوك والشبكات الاجتماعية
يقرأ ويفحص فيسبوك وغيره من الشبكات الاجتماعية رسائلك الخاصة حتى ولو ادعى غير ذلك وهو الان يطور نظام تعرف لغوي يهدف الى فهم حتى اللهجات (اسمه DeepText) وبالتالي فمن الممكن من خلال نظام مسح الرسائل أن يعرف الفيس ان سكان بلدة بيدفورد مثلا متفقون بنسبة كبيرة على انهم يحتاجون بشدة إلى مولٍ تجاري، ما المتوقع من فيسبوك أن يعمل؟ قد يبيع المعلومة لمستثمر ينجح نجاحا باهرا أو يبيع التحليلات لشركة مالية تدير مخاطر الاستثمار وهي تقوم بالواجب و يجدر الملاحظة أن هذا لا يتم عن طريق توقع الامر وتحليله من بوستات اهل بلدة بيدفورد في الفيسبوك لان الفيسبوك يعرف جيدا ان ما بالمراسلات الخاصة اصح واعمق كثيرا من المنشورات..ما علاقة هذا بغوغل؟ ..نقول ان غوغل لا تمتلك وصولا لهذا المسار العميق من البيانات ومع فشلها في نشر غوغل بلس فانها قاصرة جدا في توقع "ما هو التالي" أقل من فيسبوك حتى لو كانت تؤرشف كل منشورات المستخدمين عليه من هنا يكمن خطر فيسبوك الذي يتفاوض الان مع الصين لرفع الحظر عنه مقابل تقديم نظام مراقبة محتوى عميق للحكومة لماذا الفيسبوك يريد ذلك؟ لان النظام هذا اصلا يملكه ويستعمله علينا الان!!.
اذن فهذه هي ملخص الأمور والعوامل التي تصب في صالح المستخدمين حتى الآن هي:
الوفرة في البيانات تصعّب ادارتها. عامل مهم في صالح المستخدمين
عامل ان کل شرکة تملك جزءا فقط من بيانات المستخدم مهما كان كبيرا فالفيس يملك البيانات العميقة للمستخدمين من صور شخصية وملفات ومسودات الاعمال والكتب وكلمات السر الحساسة المرسلة عبره ومعلومات تجارية هامة ولكنه لا يملك تاريخ بحث كامل للمستخدم بينما يملك غوغل العكس.
عامل اخر في صالح المستخدمين هو مهما كان كم البيانات التي تجمعها الشركات فمن الصعب توقع التالي للمستخدم وسأضرب هنا عدة أمثلة:
لنفرض أن غوغل تلاحظ ببياناتها ان شخصا بات ليلة الامس يشاهد وينوع في مشاهدة مواقع البورنو لينشر غدا على صفحته في الفيس صور حفل خيري أقامه في مخيم للطلبة جمع فيه مئة ألف دولار لصالح مرضى السرطان من الأطفال. غوغل لن تتوقع هذا قط ولن تفيد شركة الطيران التي حجز فيها هذا الشخص ليذهب للمخيم فالارجح ان غوغل كان تتوقع ذهابه للاس فيغاس لمقابلة كيكي!.
لنفرض أن قسًا بات ليلة امس فاتحا عشرة تبويبات على متصفحه تتعلق باعمق واهم تفاسير الكتاب المقدس والكلام عنه فقط ليتحرش في الغد بطفل صغير في كنيسته. غوغل كانت تتوقع من القس أن يكتب بحثا لدورية البحوث الدينية الكاثوليكية! ويطلب بعض الكتب المتخصصة من متجرها!
لنفرض أن فتاة بحثت حول موضوع الانتحار وكيفيته (لا عن تجنبه) طيلة الليلة ..لتذهب في الغد وتدفع ملفا لها لأول مرة لتوظيفها في قسم المكالمات الهاتفية في الخط الساخن لمكافحة الانتحار ! غوغل لم ترى هذا قادما!!
وهلم جرا ..فالخلاصة هي أن "وفرة البيانات بشكل كبير تصعب الوصول" وقد تعارض قولي بأن "المهم أنه يملكون كل شيء عنك" لأرد عليك أنهم يملكون فقط جزءا واجزاء اخرى متفرقة تملكها شركات ليست من نفس المنهج وهي نقطة ليست بالهينة لمتابع صراع الشركات وارادتها الحصول على كل شيء منك اضافة الى انك لست "ملحوظا ولا مهما بالنسبة لهم" حتى "تعمل شيئا مهما" وهم يجمعون البيانات لتوقع (ما الذي ستقوم به لاحقا من شراء أو معاملات) والا لسقطت "اهمية ما يعرفونه عنك" ورغم أن هذا هو الهدف فهذه الشركات دوما ما تفشل في توقع (الشيء الجيد او الناجح تجاريا او فنيا والذي سيحدث فيما بعد) ويبقى توقع التالي امرا عصيا فغوغل وفيسبوك رغم كل بياناتها لم تستطع التنبؤ بفشل منتجاتها هي نفسها (فشل عدة منتجات من غوغل وفيسبوك وتم اغلاقها ومن يعارض بقول أنها كانت تعرف ذلك وقد خسرت عن علم كمثال صفقة موتورلا من غوغل سابتسم له بود واذكره بالآية الكريمة ((وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)) إذ مهما بلغ حمق مؤسسي غوغل فانهم لن يدخلوا ابدا في صفقات خاسرة لو علموا بها مسبقا وقد ثبت خسران الكثير من صفقاتهم فتبين لك لب المشكلة الآن) لنواصل القول أنهم لم يستطيعوا أيضا التنبؤ بقائمة نيويورك تايمز لأفضل الكتب مبيعا كمثال: رواية المريخي وهي منشورة نشرا ذاتيا وتحولت لفلم ولا الفلم الناجح القادم ولا الانهيار الاقتصادي التالي ولا توقع الازمات الثقافية والمادية والسياسية منها ولا ان فتاة باكستانية (مالالا يوسفازي) تكتب في مدونة موقع بي بي سي ستحوز على نوبل للسلام ويطبع كتابها ويترجم لأكثر من لغة من بينها العربية.
دمتم آمنين.
التعليقات