أحياناً، يكون آخر شيء نتخلى عنه هو ليس حبنا، بل أملنا فيه. ليس حلمنا، بل تعلّقنا الواهم بإمكانية تحققه. هذه ليست دعوة للتشاؤم، بل للصدق. صدق قد يكون قاسياً كالسقوط، لكنه على الأقل يمنحك أرضاً تقف عليها، بعد أن أنهكك الطيران في فراغ الانتظار.
الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه رأى في الأمل "أسوأ الشرور" لأنه يطيل عذاب الإنسان، ويربط روحه بخيوط واهنة من التوقع قد تمزقها وهي ممتدة.
وقد عبر الشاعر العربي ابن الرومي قبل قرون عن نفس الفكرة الحادة ببلاغة مذهلة:
"من اثنتين فلا تبخل بواحدةٍ... إمّا النوالُ وإمّا راحةُ اليأس."
خياران واضحان لا ثالث لهما: إما تحقيق الأمل، وإما الراحة من خلال قطع الانتظار. لأن حالة التعلق في الوسط هي الأقسى.
لهذا السبب قيل: "التعلق بخيط واهٍ أشد قسوة من السقوط ذاته". فالوهم يستهلك طاقة الروح في فراغ، بينما الحقيقة - مهما كانت مُرة - تُنهي حالة التجاذب وتعطيك حدوداً واضحة للواقع، تبدأ منها من جديد.
فهل تعتقدون أن هناك أملاً واهياً يجب التخلي عنه للتحرر حقاً؟ أم أن الأمل - حتى ولو كان بعيداً - يبقى ضرورياً للحياة؟
التعليقات