في مسرحية بيجماليون التي تدور حول البروفيسور هنغري هج، الذي يراهن على قدرته في تحويل فتاة بائعة زهور بسيطة، اليزا، إلى سيدة راقية من خلال تعليمها اللغة وآداب الحديث. تكشف القصة كيف يمكن للمظهر والكلام أن يغيرا نظرة المجتمع للشخص، لكنها تؤكد أن جوهر الإنسان وهويته الحقيقية لا يمكن إعادة تشكيلهما بالقواعد والتعليم فقط. وفي رحلتها، تكتشف إليزا قيمتها واستقلالها بعيدًا عن سلطة هج. كما أن في حياتنا الكثير ممن يشبهون هنغري هج ويظنون أنهم يستطيعون صنع الآخرين كما يريدون، وأن التغيير مجرد تعديل خارجي للمظهر أو الكلام.
هل الإنسان مشروعًا لإعادة الصياغة
الإنسان مشروع للبناء من الأساس، وليس لإعادة الصياغة.
لكني أرفض سُلطة الآخر في هذا البناء.
لأن جزء من البناء نفسه أن يمتلك الإنسان حريته، ولو ترك لغيره مسؤولية بنائه فقد تخلى عن حريته بطريقة غير مباشرة.
لكن الا تظنين ان البعض يحتاج لإعادة صياغة، خاصة اذا كان مشروع البناء من الأساس مهزوز اوغير مستقرفي الشخصية؟
مع الأسف يا رغدة، إعادة الصياغة هي جزء من ماهية الإنسان، باعتباره كائن تكيفي قابل للتغير ، أنه مشروع لا يكتمل أبداً وهنا يكمل كماله، في أنه دائما ما يكون في حالة إعادة صياغة، لولا ذاك ما كان الانسان ليصبح على ما هو عليه اليوم ، كنا بقينا في حالتنا البداية ككائنات نيوندرتالية عارية في الغابات تصطاد وتقطف وتجمع الثمار وتتكاثر وتموت، كون أننا ننتقل من حياة الغاب إلى القبيلة، ثم إلى القرية والمدينة والحضارة، فهذا دليل على أن الإنسان ليس إلا كائن محترف في أعادة صياغة ذاته بما يتماشى مع آليات التطور.
لا أدري لماذا ذكرني كلامك مباشرةً بفيلم " The Social Dilemma" الذي يناقش كيف تتحكم وسائل التواصل الاجتماعي في سلوك المستخدمين من خلال الخوارزميات، وكيف تعيد صياغة شخصياتهم من خلال الكم الهائل من المحتوى الذي يذهب بهم يمينا ويسارا ويتركهم بلا هوية.
نعم وسائل التواصل الاجتماعي تفعل فينا كذلك إذا كنا نترك لها أنفسنا تصب فينا ما تشاء، فيديو لشخص يبحث عن شئ ضائع منه وفيديو آخر لآخر يعمل مقلب وفيديو لآخر يتكلم في كل شئ فقط لجذب المتابعين وإعلان عن منتج يحل مشاكل الشعاب المرجانية وهكذا تقلب لساعات ولا تدري لماذا وفي النهاية تجد نفسك مرهقا وغير قادر على الإنتاج والأصعب أنك تجد نفسك بلا هوية(كريشة قي فلاة تتقاذفها الرياح)
يجب أن ننظر جيدا في حياتنا ونتخلص من أي شئ أو أي شخص يحاول إعادة صياغتنا ويسلبنا حريتنا في أن نعيش بإرادتنا.
التعليقات