💡
نحن ما بين ثلاثة أبعاد هي الحاضر و الماضي و المستقبل فالحاضر هو الآن الذي فيه ما نأكله و نشربه و نتذوقه و نلمسه و نستنشقه و نسمعه و نشاهده و الماضي هو الذي رحل عن حواسنا العالم الذي انتهى و اندثر كنظام و واقع لكننا نتذكره و نستحضره و نعود إليه بذاكرتنا فنشعر به و المستقبل هو ما لم نصل إليه بعد كالمجهول و المبهم و الغامض و الخفي الذي نفكر فيه و نسعى إليه بمداركنا قبل أجسامنا رغم عدم توفر الضمانات فيه فهو قد يكون من الأوهام و الظنون و الاعتقادات الخاطئة و ما قد يصدمنا فيه هو عدم وصولنا إليه!.
كيف نحافظ على متعة اللحظة!؟
يستطيع العاقل الإبداع و الاستمتاع في اللحظة التي يتفاعل فيها بفكره و شعوره و مخيلته و ذاكرته و حواسه فالإنسان قادر على الشعور و الإحساس و التفكير و التفكر و العمل و الإبتكار لكن قد يسرق وعيه منه لحظيا بما مضى فتحبس مداركه العقلية في الماضي فيعود لما انتهى و اندثر فيبتعد عن اللحظة التي كان من الممكن أن يصنع بها ما ستصبح ذكرى جديدة و لحظة فريدة و مستقبل مبهر لكنه ابتعد عن اللحظة فجذب إليه مما رحل عنه الهم و الغم و الألم و البؤس و اليأس و التعاسة و الحزن و الكآبة لكن لماذا جذب إليه هذه المهلكات!؟ عند عدم القدرة على تغيير ما مضى و إعادة ما انتهى و إعمار ما تدمر تجذب النفس إليها المآسي و الكوارث و الهموم لأن العقل يعجز عن العبث فيما مضى و لا يستطيع إعادة ما رحل عنه فيمتص عجزه.
إن لم يسرق الماضي عقولنا ما الذي يمكن أن يحدث لنا!؟
يرحل العقل بمخيلته تلقائيا إلى ما لم يأتي و ما لم نصل إليه و ما لم نسكن فيه فنصنع بمخيلتنا الحلم و الأمل و العالم الافتراضي الذي قد يكون وهم نسعى إليه للهروب من الواقع الكئيب فنتوه و نضيع و نتشتت و نتوهم بصحة ما لم نثبته و نسرح للبعيد فنهمل الواقع!.
ما الحل!؟
تكوين علاقة بين الأبعاد الثلاثة المحيطة بنا هو الحل الذي يبعد عقولنا عن السرقات المؤذية للنفوس و القلوب و الأبدان و يمكننا من إعمار الأرض بالطريقة الصحيحة لكن كيف يحدث ذلك!؟
نرجع لما مضى بعقولنا لبناء ما نحن فيه بالتعلم و التفهم و التحسين و التعديل و التنظيم و الترتيب و الاستفادة مما مضى و نذهب لما لم نصل إليه و نسكن فيه و نمشي عليه بمخيلتنا لنوسع من مداركنا لنعمر واقعنا بما أدركناه و استوعبناه و فهمناه و اكتشفناه و هذه العلاقة تمنعك من العودة للماضي ثم الضياع فيه فقيمة العودة للماضي بالرجوع للحاضر و تمنعك هذه العلاقة من الرحيل للمستقبل بلا عودة للحاضر لتعكس ما تعلمته من رحلاتك الذهنية على واقعك.
من حبس مداركه العقلية بما مضى تخلف عن الواقع و تشدد فكريا و تقيد عقليا و تنمط نفسيا و قدس ما فنى قلبيا و تعبد من فنى روحيا فأصبح حي بدنيا لكنه متوفى دماغيا و من حبس مداركه العقلية بما لم يصل إليه بعد توهم ذهنيا و انفصم عقليا و مرض نفسيا و تشتت قلبيا و فقد ذاته واقعيا و حرم عقله من لذة العلم! بدنه معنا لكن عقله في عالم آخر.
في اللحظة التي أنت فيها تحيط بك أبعاد قد تسرق وعيك منك و نوافذ هذه السرقات قد تغريك فهي قد تكون نص أدبي عميق أو معادلة رياضياتية مزخرفة أو صورة لجميلة من الماضي أو كتاب عن حضارة قديمة أو فكرة خيالية غير واقعية أو تصميم كوني متلاعب به أو رائحة عطر ذكرتك بحدث قديم أو حلم منام و عند إندفاعك لبعض هذه النوافذ و انجذابك لهذه الثقوب تختفي طاولتك مع كرسيك و تلفازك فتجد نفسك في عالم آخر.
حقيقتك
في
لحظتك
فهي
ما
تصنع مستقبلك و هي ما تحول ما في ماضيك لحاضرك الجديد فالحاضر حقيقة و المستقبل تطويره بعد الاستفادة من ماضيك.
التعليقات