أمشي في السوق أو أنشغل في عملي، فإذا بي أسمع صوتًا ناعمًا يقول: "يا عم!"
أتلفت حولي، وأبدأ بالبحث عن "العم" المقصود… ثم أكتشف أن الخطاب موجه لي أنا شخصيًا!
في البداية أصابني ارتباك خفيف: هل أنا فعلاً "عم"؟ أم أن السنوات تسللت خلسة من بين أصابعي وسرقت مني لقب "الشاب" من دون استئذان؟
أنظر في المرآة: أجد بعض الشعر الأبيض قد زيّن رأسي ولحيتي، لكنني – بصدق – أراه وسامًا لا عيبًا. عقلي أصبح أرجح، خبرتي أوسع، وأيام الشباب لم تزل تجري في عروقي، ولله الحمد ما زلت أشعر أني في عمر جميل.
الطريف أن السيدة التي تخاطبني بـ"يا عم"، حين أتأملها، أجد الدهر قد عركها عركًا، وربما أخذ منها أكثر مما أخذ مني. لكن أخلاقي لا تسمح أن أرد عليها بمثل ما قالت، ولا أملك إلا أن أبتسم ابتسامة واسعة، وأواصل الحديث وكأن شيئًا لم يكن.
ربما "يا عم" ليست سوى عادة على اللسان، أو احترام مبالغ فيه، أو حتى وسيلة تهرب من كلمة "شباب" التي باتت نادرة في القاموس اليومي. لكن الأكيد أنني لست ذلك "العم" الذي يلوّح بالعصا ويجلس ينتظر أخبار أحفاده.
أنا ببساطة… شاب أربعيني، أزينه بعض الخصلات البيضاء، وأخفي داخلي قلبًا لم يزل نابضًا بالحياة والمرح.
فيا من تنادينني يا عم… سامحتك، لكن دعيني أذكرك أنني بعدني "شاب… بس بنسخة محدّثة"!
وسؤالي إليك عزيزي القارئ: هل سبق أن ناداك أحد بلقب أكبر من عمرك الحقيقي؟ وكيف كان شعورك في تلك اللحظة؟
التعليقات