في السنوات الأخيرة، أصبح من المألوف أن نرى بعض النساء يلجأن إلى عمليات التجميل وحقن الفيلر والتكبير، ليس بدافع طبي ، بل رغبة في التشبه بما يُروَّج له في الإعلانات وصفحات المشاهير. صور الشفاه الممتلئة، الخدود البارزة، والأنوف الدقيقة أصبحت تُقدَّم كمقياس للجمال، مما جعل البعض يشعرن أن مظهرهن الطبيعي لا يكفي. نشهد ذلك في صالونات التجميل، على مواقع التواصل، وفي الحياة اليومية؛ حيث باتت ملامح الوجوه تميل إلى التشابه، وكأن هناك قالبًا واحدًا يجب أن يُحتذى به. الأمر لا يتعلق فقط بالمظهر، بل بالإحساس الداخلي فبعض النساء أصبحن يربطن الثقة بالنفس أو القبول الاجتماعي بمدى تقارب شكلهن مع ما تفرضه هذه المعايير. وهذا يعكس التأثير الكبير للإعلانات والمحتويات البصرية على نظرة المرأة لنفسها، حيث تعرض هذه الوسائل صورًا نمطية للجمال والنجاح والسعادة يصعب الوصول إليها في الواقع، مما يخلق فجوة بين الصورة الذاتية الحقيقية والصورة المثالية التي تُروّج لها. هذه الفجوة قد تؤدي إلى شعور بالنقص، وتراجع في احترام الذات، وقلق دائم من عدم الكفاية. كما تروج بعض الإعلانات لفكرة أن قيمة المرأة مرتبطة بمظهرها أو استهلاكها لمنتجات معينة، مما يعزز سلوكيات المقارنة المستمرة مع الأخريات.
ما يُعرض في الإعلانات والمحتوى البصري لا يؤثر فقط على مستوى الوعي الظاهر، بل يمتد تأثيره إلى المستوى اللاواعي، حيث تبدأ المفاهيم المرتبطة بالجمال والقيمة في التكوّن بناءً على ما يتم تكراره بشكل مستمر. هذا التكرار يعزز معايير معينة قد تتعارض مع الواقع الطبيعي للفرد، مما يؤدي بمرور الوقت إلى تراجع الرضا عن الذات وزيادة المقارنة مع الآخرين. ولتفادي هذا الأثر، من الضروري أن تطوّر المرأة فهماً نقدياً للمحتوى الذي تتعرض له، وأن تميز بين ما هو تسويقي مؤقت، وما يعكس حقيقة تنسجم مع ذاتها واحتياجاتها النفسية.
قد لا نتحكم دائمًا فيما يُعرض أمامنا، لكن يمكننا أن نتحكم في كيف نراه، وكيف نُقيّم أنفسنا من خلاله ، فكيف تقيّمون العلاقة بين ما تفرضه الإعلانات وما تتبناه النساء من تصورات حول الجمال؟
التعليقات