السكوت عن الخطأ يُحوّله إلى قاعدة

حين يقع الخطأ لأول مرة، يكون واضحًا ومُحرِجًا، وربما مثيرًا للانتباه. لكن إن مرّ دون اعتراف أو تصحيح، يبدأ تدريجيًا في التغلغل داخل السياق العام، وكأن لا أحد يجرؤ على طرح السؤال البسيط: "هل ما حدث كان صوابًا؟"

هذا السكوت، وإن بدا تصرّفًا عابرًا، إلا أنه يحمل أثرًا تراكميًا خطيرًا. فكلما سكت الناس عن خطأ واحد، تكرر هو نفسه في أذهانهم على أنه "جزء من الواقع"، لا مجرد استثناء. ومع التكرار، يفقد الخطأ صورته الصادمة، ويبدأ في التحوّل إلى سلوك طبيعي. ثم تبدأ الجملة المألوفة في الظهور: "هكذا نفعل دائمًا" أو "الكل يقوم بذلك"

وما هي إلا لحظة حتى يتحول الخطأ من شيء يجب تجنبه… إلى قاعدة غير مكتوبة يتّبعها الجميع، وأحيانًا يُفرض على من يعارضه بأنّه "خارج عن المنظومة".

والأسوأ من ذلك: حين يظهر شخص جديد ويسأل ببراءة "لماذا نفعل كذا؟"، تكون الإجابة: "لا تسأل، فقط افعل مثلهم"

وهنا لا نكون فقط أمام خطأ، بل أمام عُرفٍ موروث يُمنع المساس به، رغم أن أصله كان لحظة ضعف، أو قرارًا جبانًا، لم يجرؤ صاحبه على الاعتراف به.

كم من السلوكيات التي نراها اليوم "عادية"... هي في الأصل أخطاء تكررت حتى أصبحت قاعدة؟

وهل نملك الشجاعة أن نكون أول من يقول: هذا ليس صحيحًا؟