في القرن 18م ، تستيقظ مدينة جنيف على خبر انهيار المؤسسات المحلية بسبب الصراع الطبقي، تحولت المدينة في وقت قياسي إلى حالة فوضى عارمة، في هذه الأثناء كان هناك رجل يراقب الوضع ويتأمل الأسباب، ولاحظ أن سبب هذا الصراع والفوضى هو غياب القوانين الردعية الواضحة، وقرر كتابة كتاب سيكون من أهم الكتب في التاريخ، وهو كتاب العقد الاجتماعي، الذي يحاول وضع قواعد مشتركة لنتظيم العلاقات بين الناس ، هذا الرجل هو الفيلسوف جان جاك روسو .
بعده سيكتب توماس هوبز تحفته الفريدة " كتاب الليفياثان" ويؤكد ما قاله روسو، بأن الحياة بدون قوانين ستكون وحشية وقصيرة ويستحول الجميع إلى ذئاب تأكل بعضها بعضاً.
سيستمر هذا الرأي؛ حتى ظهور الفيلسوف الفرنسي المثير للجدل ميشال فوكو، ويقول في كتابه "المراقبة والمعاقبة" بأن القوانين هي مجرد وسيلة لاستعباد الناس وتوجيههم واخضاعهم ، إذ يرى أن القوانين ليست مجرد أدوات لتحقيق العدالة، بل هي وسيلة لإعادة إنتاج السلطة باستمرار، معنى ذلك أنها ليست وسيلة خيرة تشتغل لصالح المجتمع والمواطنين، بل هي وسيلة تخدم المؤسسات بدل الأفراد .
لذلك نسأل : هل يمكن أن نقيم مجتمعات صالحة ومنظمة ومتطورة دون الحاجة إلى القوانين وأنظمة الرقابة والعقاب؟ واذا كان هناك بديل عن القانون يمكن أن نتخيله، مالذي يمكنه أن يكون ؟
التعليقات