قررت أنا ورفيقي السفر معًا، وكان يفترض أن تكون رحلة ممتعة، لكن الحظ كان له رأي آخر، أو بالأحرى، كان له رأي غريب جدًا. كانت خطتنا تتضمن السفر جوًا، ثم بحرًا، وأخيرًا بالسيارة. ما لم نكن نعرفه هو أن الرحلة ستتحول إلى سلسلة من المفاجآت غير المتوقعة—على الأقل بالنسبة لرفيقي المسكين!

عندما ذهبنا لحجز تذاكر الطائرة، اكتشفنا أن الرحلة الوحيدة المتاحة لم يكن فيها مقعدان متجاوران. بل الأسوأ من ذلك، لم تكن هناك حتى مقاعد في نفس الرحلة! كانت هناك مقاعد متاحة في رحلتين مختلفتين، إحداهما أبكر من الأخرى بيوم. قرر رفيقي، بحكمة لا مثيل لها، اختيار الرحلة المتأخرة، بينما اخترت الرحلة الأولى.

رحلتي كانت مريحة: مقعد فسيح، جليس محترم لا يتدخل في شؤون الآخرين، لا أطفال صاخبون، ولا طعام طائرة يشبه الإسفنج المبلل. أما رحلة رفيقي؟ حسنًا، عندما وصل إليّ لاحقًا، لم يعرف كيف يعبّر عن رعبه. هل يشتكي من الرجل الجالس بجانبه الذي كان ينهض كل خمس دقائق للذهاب إلى الحمام؟ أم من الطائرة نفسها، التي كانت تصدر أصواتًا غريبة جعلته مقتنعًا بأنها ستتحول إلى كومة من الخردة في أي لحظة؟ لم ينجُ حتى من ثرثرة الراكب الجالس بجواره، الذي قرر أن يشاركه قصة حياته بالتفصيل، رغم أنه لم يطلب ذلك أبدًا.

بعد يوم من الشكوى (من طرف واحد طبعًا)، ذهبنا لحجز رحلة بحرية. كان هناك قارب يغادر في نفس اليوم، لكنه كان... قديمًا جدًا، من النوع الذي يجعلك تتساءل كيف لا يزال يطفو! بالطبع، رفض رفيقي ركوبه رفضًا قاطعًا. أما أنا، فلم أكن صعب الإرضاء. فركبت القارب وقررت أن أذهب وحدي.

كانت الرحلة رائعة! البحر هادئ، الطاقم ودود، وحتى أنهم قاموا باصطياد بعض الأسماك لنا، ما جعلني أحلم بعشاء فاخر من المأكولات البحرية الطازجة. وبما أنني لا أعاني من دوار البحر، فقد استمتعت بكل لحظة.

أما رفيقي، فقد قرر أن يسافر في اليوم التالي على قارب أحدث. المشكلة الوحيدة؟ البحر لم يكن بنفس الهدوء. بل كان هائجًا لدرجة أن حتى الأدوية المضادة للدوار لم تنقذه. وصفه الوحيد لرحلته؟ "ركبت قاربًا ورقيًا، وكان هناك طفل قرر أن ينفخ فيه بعنف بدلاً من أن يتركه يطفو بهدوء!"

عندما حان وقت السفر بالسيارة، ولأول مرة منذ بداية الرحلة، كنا معًا في نفس المركبة! بدا أن الأمور تسير بسلاسة... حتى سقطت حقيبة رفيقي من سقف السيارة، لوحدها، دون أي تفسير منطقي.

الحقيقة أن هذا أمر شائع بسبب وعورة الطريق وسوء حال السيارة، لكن بالنسبة له، لم يكن مجرد حادث عادي. لقد كان "الدليل القاطع" على أن الحظ قد قرر مطاردته في هذه الرحلة. لم تسقط أي حقيبة أخرى، فقط حقيبته المسكينة، وكأنه المشهد الختامي لمسرحية كوميدية لم يكن يريد أن يكون بطلها.

في النهاية، جلسنا في مقهى قريب نحتسي الشاي، نراجع كل ما حدث. كنت أضحك على المواقف الغريبة، بينما كان رفيقي يجلس في حالة تأمل عميق، يحاول فهم ما فعله ليستحق هذه السلسلة من المصائب.

قبل أن نغادر، نظر إليّ بجدية وقال: "في المرة القادمة، نحن نحجز كل شيء مسبقًا، ونتأكد أن حقيبتي مربوطة بحزام أمان خاص بها!"

أومأت برأسي موافقًا، رغم أنني كنت متأكدًا أن الرحلة القادمة لن تخلو من مفاجآت أخرى...

حتى بعد كتابتي لها بنفسي وإعادة قراءتها، ما زلت لا أجدها مضحكة أو غريبة، رغم أن صاحبي لا يرى فيها أي طرافة على الإطلاق. ما رأيكم؟