يُعد نجيب محفوظ، الأديب الذي استطاع أن يُمسك بتلابيب الوجود الإنساني عبر قلمه، أحد أبرز من استطاعوا صياغة الحزن ليس كحالة عابرة أو شعورٍ سطحي، بل كجزءٍ جوهري من كيان الإنسان. في أعماله، لا يظهر الحزن كضعف أو انكسار، بل كنافذة تُطل على جوهر الحياة، حيث الألم يتماهى مع الأسئلة الكبرى عن المعنى والغاية.
نجيب محفوظ: فلسفة الألم وسؤال الوجود.
فكما يقول محفوظ في إحدى رواياته: "الحياة حفلة تنكرية، وما نحن إلا وجوه تكسوها أقنعة." هكذا، يذكرنا الحزن عند محفوظ بإنسانيتنا، وبأن الألم ليس فقط جزءًا من الحياة، بل هو الحياة نفسها في لحظاتها الأكثر صدقًا وتجليًا.
ذكرني قوله هذا بقول شكسبير: ما الحياة إلا مسرح كبير ونحن الممثلون و النظارة! وبالفعل محفوظ صادق؛ لأن الحزن أو الألم الذي يستجلب الحزن هو الغالب على أحاسيس الجنس البشري. فمنذ أبينا آدم وأمنا حواء ومسيرة الجنس البشري تغلب عليها الشقاء و الحزن أكثر من النعمة و الفرحة. و بالفعل عاطفة الحزن أصدق كثيراً من عاطفة الفرح لأن مسببات الأولى أعم وأكثر من مسببات الثانية والأولى أنبل لأنها توقفنا على حقيقة أنفسنا وتجعلنا أكثر إنسانية وتفهماً للغير وتعاطفاً معه. وأكثر ما يحزن الإنسان هو التفكير في مصيره وموقفه من قضايا الوجود ومآله فيما بعد.
نجيب محفوظ في أعماله قدّم لنا مفهوم جديد عن الحزن، حيث أصبح جزءاً لا يتجزأ من فهمنا للوجود. الألم عنده ليس مجرد عبور لحظة صعبة، بل هو تجربة محفزة تجعلنا نطرح الأسئلة الكبرى حول الحياة والمعنى. هذا التجسيد العميق لفكرة الحزن يعكس فهمه المتأصل للتحديات الإنسانية، وكيف أن البحث عن الإجابات يكمن في فهم هذه اللحظات من المعاناة. الحزن في فلسفة نجيب محفوظ ليس ضعفا بل دافعا لفهم أعمق وأوسع للوجود
التعليقات