قانون باركنسون للتفاهة: الوقت الذي نقضيه في التفكير في أمر ما يتناسب عكسيا مع أهميته

اتفق تمامًا, واعتقد أن هذا ميكانزيم دفاعي في اللاوعي, يحدث لحماية انفسنا من الوقوع في القلق أو الخوف أو الإحساس بالعجز من عدم فهم المشكلة وأبعادها وعدم القدرة للوصول إلي حل. ونحن نفعل ذلك في كثير من المهام حتي اليومية منها. فمثلا أنا اميل إلي استخدام وسائل التواصل الإجتماعي, عندما اتوقف في جزء لا استطيع الوصول إلي حل فيه و تكملته في مشروع أعمل عليه. فبدلاً من التفكير للوصول إلي حل لتكمله المشروع الجئ للهاتف ليكون مهرب لي. الوعي بما نفعله مهم للتغلب علي هذا الفعل.

ما أعرفه أننا عندما نواجه قرارات كبيرة فإننا غالباً ما نعيش ظاهرة نفسية شاهدت عنها أكثر من بودكاست وتسمى ب "شلل القرار" وهذه الظاهرة تجعلنا نبتعد فعلاً عن القرار ومناقشة الأمور الكبيرة المهمة التي تحتاج إلى تحليل، وهذا يرجع إلى الخوف برأيي من ارتكاب خطأ جسيم نندم عليه، ولذلك نبقى في التوتر والقلق، يكون ألم الخسارة المحتملة أقوى من فرحة المكسب والفوز، هذا يجعلنا نؤجل كل شيء، يردعنا عن اتخاذ أي إجراء

القرارات البسيطة ليست كذلك، القرارات البسيطة تشغلنا بشكل أقل وبالتالي القلق أقل وهذا يجعل الأمور قابلة للإدارة. ولذلك تلقائياً نغربل الجيد من الأمور ونرد عليه ونناقشه والصعب نؤجلة ونهرب منه

هناك نظرة نفسية أخرى تفسر الأمر وهي نظرية الجشطلت، النظرية تقوم على مبدأ ( الكل أكبر من مجموع أجزائه) وهذا يعني أن التعامل مع أجزاء الكل أسهل من التعامل مع الكل دفعة واحدة، وبالمناسبة كان هناك مقال لدكتور مصري يربط بين الجشطلت وهذا القانون.

وبعيداً عن التفسير أرى أن هذا منطقي فالقدرة على تحليل موقف ضخم أو التحرك لخطوة كبيرة تحتاج عقلية مهارة لديها القدرة على التصرف، فمثلاً أنا من الممكن أن يكون أقصى ما يشغل بالي هو تعديل الأخطاء الإملائية بمقال بينما زميل لي مشغول بخطة تحسين لسلسة المقالات بالكامل من ناحية اللغة والسيو والمحتوى حتى يحسن ظهور المدونة بالكامل، كلانا له تأثير لصالح العمل لكن هو أفضل في التخطيط وهنا تبرز الفروق في القدرات.

أعتقد أن الأمر متعلق بكون أغلب الناس يميلون للبقاء في الcomfort zone الخاصة بهم. فلماذا قد أناقش موضوع يفوق قدراتي الذهنية ويتطلب فهما عميقا للمجال الذي سأتحدث فيه بينما يمكنني مناقشة موضوع سطحي للغاية لا يتطلب أي معلومات أو خبرات سابقة. هذه العقلية هي نفسها التي ترفض المخاطرة بأي شيء والتي تحب أن "تعيش على الكفاف" كما ناقشتي في مساهمة سابقة

كنت أقرأ من قليل عن التسويف وأسبابه التي من ضمنها كبر حجم المهام، والدراسات أثبتت أنه كلما وجد الفرد منا مهمة كبيرة وصعبة سعى إلى تأجيلها لوقت آخر إلى أن تتراكم عليه المهام وتتحول إلى مشاكل معقدة، أعتقد أن هذا بالضبط ما يحدث عند مناقشة الأفكار الصغيرة والكبيرة، فالميل دائمًا يكون لتأجيل الأفكار الكبيرة إلى أن تتأزم الأمور ونصاب بالتوتر والقلق والمشاكل النفسية.