هل المعاملة بالمثل تعتبر معاملة عادلة و منصفة حقا كما تزعم كثير من الأقاويل في أوساطنا ؟ ، لماذا نقول بأن المعاملة بالمثل ليست عادلة في كثير من الحالات ؟

في شؤون القضاء التي يتتبع فيها القاضي ظروف و ملابسات القضية و يراعي فيها الكثير من الأسباب و الدوافع قد يلجأ القاضي إلى إسقاط ( عقوبة المعاملة بالمثل ) ، كمثال : شخص مرتكب لجريمة قتل يثبت الأطباء المتخصصون تخلفه العقلي بنسبة كبيرة في هذه الحالة لا يصدر القاضي قرارا بمعاملة الجاني بنفس ما ارتكبه في حق المجني عليه بسبب أن القاتل غير مدرك و غير واعي بما قام به من جرم ، و لذلك يحال بتقدير من القاضي إلى مستشفى خاص للأمراض العقلية للعلاج إن أمكن ذلك و يتم تشديد الحراسة عليه ، و في مثال آخر : شخص قام باختطاف امرأة و اغتصبها و هو في كامل قواه العقلية و بعد أن نجت منه و اكتشف أمره و تمت محاكمته فإن القاضي لا يصدر قرارا بمعاملته بالمثل بل إنه يحكم عليه بعقوبات أخرى تقديرية كالتغريم و السجن و تنفيذ الجلد بحقه إذا كان الحكم يستند إلى ما أوصى به القرآن من نظام عقوبات ..

أما إذا خرجنا و نظرنا في بعض التعاملات الإنسانية التي ليست من اختصاص القضاء و التي تعتبر تعاملات لا ترتقي إلى مستوى التقاضي إلى المحاكم ، فإنه كثيرا ما تحصل بعض ( المعاملات بالمثل ) بين زملاء الصف و بين أبناء العائلة الواحدة و بين الأصدقاء .. إلخ ، و سنأخذ أمثلة عن معاملات بالمثل غير عادلة من وجهة نظر من تلقوا معاملات و أقاويل غير عادلة ، و هي كالتالي : التعرض لمضايقة متعمدة من زميلك في الصف في وضع لا تكون فيه بخير بسبب أنك قمت بمضايقته سابقا بشكل مازح و غير متعمد و قد كان في وضع ليس فيه بخير حسب ما يقوله و يدعيه ، مثال آخر و هو قيام المعلم بصفع التلميذ أحمد الذي يعاني من ضرر مسبق في الوجه لم يصرح به و قد صفعه المعلم لأنه قد قام بصفع زميله في الصف ، مثال آخر و هو قيام الأم بحرمان إبنها الأكبر من الأنترنت بسبب أن الإبن الأكبر حرم الأنترنت على أخيه الأصغر مع العلم أن حرمان الأم قد تسبب في خسائر للإبن الأكبر بسبب اعتماده كثيرا على الأنترنت في دروسه بينما لم يتسبب حرمان الأخ الأكبر في تعطيل مصالح أخيه الصغير ..

و الآن بعد أن رأيتم هذا التوضيح و هذه الأمثلة ما رأيكم في المعاملة بالمثل ؟ و هل تصلح أن تكون مطبقة بشكل أعمى دون مراعاة لأية اختلافات و ظروف و تباينات و أعذار و غير ذلك ؟