فُوجئت بإحدى الصديقات تطلب مني في يوم الأم أن أذهب معها لزيارة قبر والدتها. هذه الفتاة هي نفسها التي تنشر في يوم الأم من كل عام منشورًا تدعو فيه الناس إلى إظهار السرور والابتهاج بأمهاتهم دون تحفظ؛ فهي ترى أنّ من حق كل شخص الامتنان للنعمة التي لديه والتعبير عن هذا الامتنان بالطريقة التي يريدها، وترى كذلك أنّ فقدان البعض لنعمة الأم لا يجب أن يتحمله الآخرون؛ فلكلٍ منا قَدَره بالحياة، وكل منّا له أشياء حُرم منها وأخرى مُنح إياها. وطبعًا تختم المنشور بجملتها المعتادة: "لو كانت أمي لا تزال على قيد الحياة؛ لاحتفلت بها بنفس الشكل."

هذه الصديقة اختارت أن تتعايش مع يوم الأم بنفس راضيةٍ محتسبةٍ، وبهذا الشكل الذي وضحته، لكن ليس الجميع يمتلك قوتها؛ فهناك أشخاص ينهارون في هذا اليوم ومع رؤية مظاهر الاحتفال به في كل مكان حولهم.. هدايا للأمهات، إعلانات وأغاني على شاشات التلفاز، منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، حفلات تكريم الأمهات المثاليات،...إلخ. أين يهربون؟! كيف يمكنهم التعايش مع هذه الذكرى الموجعة في يوم التذكير بها؟

وهم بطبيعة الأمر لا يستطيعون أن يقولوا أوقفوا الاحتفال بيوم الأم لأجلنا؛ فهذا به تعدٍ على حريات الآخرين، ولكنهم يستطيعون أن يحتفلوا به على طريقتهم الخاصة.