ليس بالأمر الغريب أنه كل في زمان ومكان، تظهر شخصيات استثنائية لنوصمهم بمفردة "المشاعل" وهم ببساطة الحالمون. هؤلاء هم الأفراد الذين يحملون في داخلهم شغفًا عارمًا وحلمًا كبيرًا بتغيير العالم نحو الأفضل. يتمتعون بعقول نيرة وأفكار طموحة وإرادة قوية لا تلين. هدفهم الأسمى هو ترك بصمة إيجابية دائمة على مسيرة البشرية وصياغة مستقبل أكثر إشراقًا للجميع.

لكن على الرغم من نبل أهدافهم، غالبًا ما يكون هؤلاء الحالمون متفائلين للغاية ولا يدركون بشكل كامل حجم التحديات الهائلة التي تعترض طريقهم. فعملية التغيير الجذري للواقع هي مهمة شاقة للغاية، تتطلب جهودًا مضنية وصبرًا لا محدودًا ومثابرة لا تلين. كما أنهم قد يكونون متزمتين في آرائهم إلى حد ما، وغير مرنين، مما يزيد من تعقيد الأمور ويجعل تحقيق أهدافهم أصعب.

بالإضافة إلى ذلك، نادرًا ما يجد الحالمون الدعم والتوجيه والفرص الكافية لترجمة أحلامهم إلى واقع ملموس. بل إن الكثير منهم يتعرض للاضطهاد والتهميش واستهداف حرياتهم الأساسية، فقط لأنهم يحملون أفكارًا مغايرة وآراء جريئة تخالف السائد.

لكن على الرغم من كل هذه التحديات والعقبات، فإن جهود هؤلاء الحالمين وما يبذلونه من محاولات تُعتبر جميلة وملهمة للغاية، وتستحق كل التقدير حتى لو لم تتكلل بالنجاح الكامل في نهاية المطاف. فلولا أنه مثل هذه الشخصيات الاستثنائية تبزغ، لما تقدم العالم أبدًا نحو الأفضل.

لذا فإنه من الصواب الاستثمار في هؤلاء الأفراد بكل الوسائل الممكنة وهم عليهم أن يدركوا عِظم المسألة ويعينوا بعضهم بعضاً، وعلينا نحن أن لا نؤذيهم عامدين أو جاهلين ودعمهم بكل ما نملك من إمكانيات وموارد، بدلاً من إهدار الجهود في الحروب والنزاعات العقيمة. فبمساعدتهم وتذليل العقبات أمامهم، وتوفير البيئة المناسبة لإطلاق طاقاتهم الإبداعية، سيكونون قادرين على المساهمة بشكل حقيقي في تغيير الواقع الحالي وصياغة نظام عالمي جديد أكثر عدالة وإنسانية وازدهارًا للجميع على قدم المساواة.

هؤلاء الحالمون الذين نحتاجهم لتشكيل مستقبل أفضل للبشرية جمعاء. فلو عمل الجميع بل وسن قوانين و دعم ودراسة حتى أحلامهم فأنه الطريق لإلهامهم ودعمهم وتمكينهم سيؤتي ثماره ولو بعد ألوف السنين، وهذا ليس أمرًا عاديًا أنهم مثل المعادن النادرة التي قد لا تُكتشف حتى وذلك بالتأكيد يدعوننا جميعاً كمنظومة بشرية أن نحاول أن ندعمهم أو نتركهم وحلمهم بدلاً من اضطهادهم أو إخماد شعلة أحلامهم وآمالهم حتى يصبح العالم أيسر وأسهل وأكثر أمنًا وإبداعات بشرية لا تنتهي.