ولكن هل تلاحظ أنّ الأنظمة ذات القيم الفاسدة سريعة الانتشار وتتبناها النّاس سريعًا بينما الأنظمة ذات القيم الأساسيّة والمطلوبة أخلاقيّا ومجتمعيّا يحارب المرء من أجل غرسها؟ فنحن بالفعل نسعى جاهدين من أجل فرض القيم الإصلاحيّة الجديدة عبر الندوات والدورات والحملات التوعوية بينما القيمة الفاسدة لا تحتاج لأكثر من أسوة غير حسنة. فعلى سبيل المثال، وجدّت أنّ الكثير من الأفراد سارعوا لتبنّي فكرة الزواج المدني بالرّغم من أنّه لا يتناسب مع قيمنا ومبادئنا ولا مع أي ديانة سماويّة. ففي الوقت الذي تجد فيه أنّ الكثيرين يرفضون فكرة الزواج تحت ذريعة الظروف الاقتصاديّة والضغوطات ولكن عندما تمّ الحديث عن الزواج المدني كانوا سريعي التبنّي له. هذا ما يجعلني أؤمن أنّ القيم الأخلاقية الإيجابية تحتاج مجهودًا لفرضها بينما القيم الفاسدة يكفي أن يسمع عنها البعض ليتنباها فورًا تحت ذريعة الحرّية.
( معتقداتك الفردية Vs معتقدات الجماعة ) !
أتعلمين ما يُلفت نظري في الفترة الآخيرة أن من كان ينادي بالقيم السليمة واحترام الإنسان عندما تقلد منصب أو وصل لمرتبة معينة جعلته يهيمن على الشعب أو على طائفة كبيرة تضم جمهور كبير، بدأت تتخلى عن هذه القيم. فيتين لك هنا أمرين إما ،ن هذه الطائفة كانت تهدف من منادتها بقيمها السابقة أن ينتخبها الجمهور أو أن هذه الطائفة عندما وصلت للحكم وجدت الأمر مختلف عما تريد، لذا هي سارت مع التيار القديم.
نحن ننظر إلى نماذج الأمم الناجحة التي تبنت الحقوق و مراعاة الفروق
و قيم الشخصية الفردية التي يعنون بها الاستثمار في العنصر البشري ..
كندا ، الولايات المتحدة الأمريكية ، و الدول الغربية و كوريا الجنوبية ( كأمثلة و نماذج )
و كذلك شركات خاصة تابعة للشرق الآسيوي .. جميع الذين راعوا متطلبات الفرد و ايفاء حقوقه المشروعة ، استطاعوا أن يظفروا بتكنولوجيات مذهلة و اقتصاد ضخم و ارتفاع في مستوى السعادة و الرفاهية ، و استطاعوا بناء هندسة رائعة ..
هذا بسبب غريزة البقاء، فهو كان يعتنق القيم المناهضة للقيم السائدة لأنه يحتاج الشعور بالانتماء لجماعة ما ليس لأنه مؤمن بها، وإنما لأنه يريد أن يشعر بالأمان.
لهذا بمجرد ما أن أخذ منصبًا في القيم التي كان يناهضها بالأمس وشعر بالأمان وأشبعت حاجته لهذا الأمان تخلى عن القيم التي كان معتنقًا لها، لأنها لم يكن مؤمن بها، هو فقط كان يبحث عن الأمان.
هل تشعر أنك غير مرتاح مع القيم السائدة ولا يمكنك تقبلها و الانضواء تحتها، أو أنك تحب أن تكون منضويا تحت نظام متوازن و عادل ؟
المشكلة أن معظم الأنظمة الحاكمة تقوم بترويج قيمها على نطاق واسع، أحيانا علنا وأحيانا بشكل مضمر خفي؛ إلى أن تتسرب تلك القيم لعقول معظم المحكومين، فتصبح جزء لا يتجزأ من شخصيتهم وقيمهم الخاصة، دون أن يشعروا حتى بأنهم قد تم التلاعب بعقولهم!
وهنا تجدر الإشارة لما يعرف بنظرية "الهيمنة الثقافية" التي وضعها الإيطالي الماركسي أنطونيو جرامشي، وهي قائمة بالأساس على تلك الممارسات التي تقوم بها الجهات الحاكمة للهيمنة على عقول الأفراد وأنماطهم الثقافية، بجانب سيطرتها على أدوات الإنتاج والأنظمة السياسية..
أما عن موقفي الشخصي من ذلك، فلم ولن أشعر بالإرتياح مع تلك القيم التي يتم فرضها علينا فرضا دون بذل جهد لإقناعنا بجدواها.. لكني قد أبذل جهدا شخصيا لتحليل ونقد تلك القيم؛ علها تكن صالحة!
بالتأكيد لا أشعر بالراحة مع القيم السائدة لأنه ليس هناك عدالة، فإن حكمة من جد وجد ومن زرع حصد لا تتحقق على أرض الواقع، فهناك من امثالي من يكدحون ويعملون طوال الوقت وتجيء وساطة شخص مهم تتفوق عليهم بكلمة واحدة وبدون تعب، كما أن هناك من يعملون بوظائف لا قيمة لها لكن يتقاضون رواتب هائلة، بينما حقًا من يتعبون من أجل الوطن يتقاضون الفتات، اتمنى الحياة تحت نظام عادل ومتوازن يعطي كل ذي حقٍ حقه.
التعليقات