كلما أكتشفت شخصا ناضجا فكريا، أتصور كم التجارب الصعبة الذي أوصلته لهذه المرحلة. النضج مكلف جدا.

يستحضرني قول الشاعر (في الناس من لا يرتجى نفعه ... إلا إذا مس بأضرار .. كالعودِ لا يطمع في ريحه ... إلا إذا أحرق بالنار) وهذا حقا صحيح،

الأزمات والمواقف الصعبة والتجارب التي نمر بها هي في واقع الأمر من تصنع الإنسان وتصنع وعيه، وتجعله ناضجًا فكريا، ولولا هذه التجارب ماوصلنا إلى ما وصلنا إليه .. هي للأسف دواء، مذاقه مُر ولكن في النهاية يؤتي نتائج جيدة

أكثر الأمور التي تساهم في تطوير ورفع مستوانا الفكري، هي المحن والمشكلات، فعليا بالنسبة لي كانت أكثر الوسائل فعالية لأكون أكثر نضجا وأن أراجع نفسي في نقاط عدة وأطورها أو أعالجها وبالفعل ما خرجت به من هذه المحن كان صائبا تماما، يليه التعلم والقراءة فهي تثقل الخبرات والتجارب الحياتية التي نمر بها.

ليست وحدها التجارب هي من تساهم في الوصول للنضج الفكري، ربما بالعكس أرى أن التجارب قد تكون نتيجتها بطيئة، برأيي الفضول و طرح الاسلة الاكتشاف قد يكون له دور في الوصول للنضج الفكرة، أيضًا القراءة والمناقشات العميقة مع المثقفين وممن لديهم رؤيات مختلفة تجاه بعض القضايا- استبعد هنا الأشخاص المتعصبة لرأيها- والكتابة هي الاخرى لهم دورًا بارز في تنمية الدماغ لكي يفكر بشكل مختلفة.

أيضًا التفكير بأنواعه المختلفة بدءًا من التفكير النقدي إلى التفكير الإبداعي وغنتهاء بالتفكير التحليلي، كل هذه الأنواع مهمة للوصول للنضج الفكرى.

حتى النوم وومارسة الرياضة والتامل واليوغا قد تدفعنا للوصلى إلى المستوى المطلوب من النضج الفكري.

ليست التجارب وحدها من تؤثر علينا، وانما الفرد يتأثر بالعديد من العوامل المحيطة به، بما في ذلك الثقافة والتعليم والظروف الشخصية وأيضا التجارب الحياتية.

احيانا قد يكون التعليم هو العامل الرئيسي الذي ساعد في تطوير الفكر، ولك برأي أهم شئ يساهم في تطوير ورفع مستوانا الفكري هي المصاعب والأخطاء التي نتعثر فيها، وبعد النهوض ياتي التصحيح، و بالقراءة الواسعة والمتنوعة في مختلف المواضيع والمجالات تساعدنا على توسيع آفاقنا وتعلم أشياء جديدة ومفيدة، ناهيك أيضا عن التفكير النقدي والتحليلي بحيث يمكن أن تساعد على فهم الأشياء بشكل أفضل.

أي نضج فكري يا رجل الذي تتحدث عنه؟!!!!! انظر إلى العالم حولك كم هو مجنون بشكل هيستيري، هل ترى هؤلاء ناضجون؟!!! إنهم أطفال يتقاتلون على موارد الكوكب كقتال الأطفال على الألعاب.

كلنا نبتلى، كلما نتألم، ولكن الناضجون قليلون، ولا أعتبر نفسي منهم قأنا مليئة بالعيوب، لكن ما أنا كتأكدة منه حقًا أن نسبة الناضجين في كوكبنا قليلة للغاية.

سيظهر بعض زملائي الآن في المنتدى ليحدثوك عن مدى تأثير التجربة والألم في حياة الإنسان، لا تصدقهم، البشر مازالوا يتصرفون كالأطفال، النضج منة من الله ليس أكثر.

لا شك أن الإنسان يمر بالعديد من المواقف التي تشكل حياته وتغيرها إلى الأبد ويقوم ذلك ببناء الوعي الخاص لكل إنسان بنفسه والمجتمع من حوله ويبدأ في اتخاذ القرارات الصعبة التي حرفيا تغير منحنى حياته للأبد كلما مر الشخص بتجارب أقسى كلما زاد وعيه عن طبيعة الحياة التي تعيش فيها وهذه التجارب قد تصنع أشخاص بلا مشاعر تقريبا يقيسون كل شيء على تجاربهم السابقة وكأن لابد إلا وأن تعيد الدنيا معهم كل ما مروا به.