ذلك المَلل الذي يطرق بابك كضيف ثقيل بلا استئذان، ويجثم على أنفاسك مثل صقيع الروح دون أن تعرف له سببا، ينبغي أن تعرف سببه أولا. يقال، إذا ظهر السبب بطل العجب. لكن السبب في مثل هذا المقام لا يظهر إلا بالتأمل النقدي في الذات.

الملل فشلٌ في إدارة الرغبة، فما أن تتحقق الرّغبة حتى تمّحي وتزول، ثم يعود فتور الملل بعدها. غير أن الرغبة التي لا تتحقق سرعان ما تفتر وتذبل، ثم يحلّ الملل القارص بعدها. ما يعني أن ثمة وضع إشكالي للرغبة، فهي لا تشتعل إلا ضمن المسافة الفاصلة بين الوصول الذي يخمدها وعدم الوصول الذي يجمدها.

وطالما الرغبة هي طاقة الحياة، ستكون الحياة نفسها هي المسافة الفاصلة بين البدء والقصد، بين التعلق والتحقق، بين الفقد والوجد. والحقيقة كلها أن هناك سحر في كل اللقاءات التي لا تكتمل، لأن العوز الدائم هو ما يضمن دوام الحركة.

الملل باخصار فشلٌ في إدارة الذات، فهل أنت فاشل؟