"الإنسان محكوم عليه بالحرية.. بمجرد ما يُلقى به في العالم يكُن مسؤولا عن كل ما يفعل.. ومسؤوليتنا أكبر بكثير مما نستطيع تقديره.."!!

بهذه الكلمات عبر سارتر عن نظرته الوجودية للحرية، وخلال صفحات كتابه "الوجودية-منزع إنساني" نجده يؤكد على الإرتباط الأزلي ما بين الحرية والمسؤولية، وما تُخلّفه تلك المسؤولية المتوقَعة من شعور دائم بالقلق لدى الإنسان..

وليس سارتر وحده من عني بالقلق، فلقد شغل مفهوم "القلق الوجودي" معظم رواد الوجودية، أمثال كيركيجور، وهيدجر، وإن إختلف سبب الشعور بذلك القلق لدى بعضهم..

ويصف سارتر القلق الوجودي بأنه، شعور سلبي ناشئ من إدراك المرء لحريته المطلقة وبالتالي مسؤوليته الإنسانية المطلقة؛ فالإرادة الحرّة تجعل الإنسان مسؤولاً عن أفعاله، وتضعه أمام واجب تحمّل المسؤولية التي لا مفر منها!

صراحة عند عرض الأمر بتلك الطريقة التي توحي بالإجبار أكثر ما توحي بالحرية قد يصاب الإنسان بالقلق فعلا..

فالأمر أشبه بأن يأتي مدير بموظف لديه ويخبره أنه سيقوم بمنحه صلاحيات لا محدودة لإتخاذ ما يراه من قرارات مناسبة تساهم في إنجاح العمل، لكن بنفس الوقت يحذره أنه وحده من سيتحمل عواقب وتبعات تلك القرارات، وستُنسب إليه نتائجها كاملة إيجابية كانت أو سلبية.. عن نفسي سأعيد التفكير مرارا وتكرارا قبل قبول تلك الصلاحيات التي ستكبلني بمسؤوليات وضغوطات مضاعفة!

فماذا عنكم، هل ستقبلون تلك الصلاحيات المقترنة بمخاطرة كبيرة.. أم ستتخلون عنها تجنبا للضغط والمسؤوليات المضاعَفة؟

وبرأيكم هل يصح التخلي عن جزء من الحريات والإمتيازات، تجنبا لقلق المسؤولية؟!